دور المـرجـعـيـة فـي معالجة الـفـقـر فـي الـعـراق

(تجربة مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية)

 

الباحث : أ.م.د. معن عبود علي            الباحث : د. حلمي ابراهيم منشد

جامعة ميسان/ كلية الادارة والاقتصاد      جامعة ميسان/ كلية الادارة والاقتصاد

     الــمــقــدمــة

         المرجعية الدينية اهم مؤسسة دينية بالنسبة للطائفة الشيعية فضلاً عن اهميتها للعالم الاسلامي، والمرجع الديني هو الفقيه المجتهد المسئول عن بيان الحكم الشرعي الذي يحتاج المؤمنون معرفته في عباداتهم ومعاملاتهم. والمرجعية الدينية اذن كيان فقهي كبير يحتل من حياة الشيعة السياسية والدينية مساحة واسعة جداً. وتعد مسؤولية الولاية وإدارة شؤون المسلمين السياسية والاجتماعية والعمل التغييري، واحدة من اهم وظائف المرجعية الدينية. ومن هنا تنطلق المرجعية في اخذ دورها في الحد من الفقر.

مشكلة البحث

يأخذ الفقر اهتماما متزايدا في الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، بما يسببه من اثار مدمرة على الصعيد الشخصي للفقير وعلى الصعيد الكلي للبلد، وهو احد اخطر المهددات الاجتماعية، ومن ثم فلا بد من تحليل التجارب التي تمارس في معالجته والحد منه.

فرضية البحث

ان المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف اخذت خطوات جادة في معالجة الفقر، من خلال منظمات المجتمع المدني ذات النفع العام، وتكييف الاحكام الفقهية للصدقة لتسهيل العمل الاداري لها.

اهداف البحث

  1. اعطاء فكرة موجزة عن رؤية المذهب الاقتصادي الاسلامي للفقر ومقارنتها برؤية الاقتصاد الوضعي.
  2. توضيح الخطوط العامة للفقر في العراق استنادا الى آخر اصدار حول الفقر من قبل وزارة التخطيط العراقية والموسوم بـ (النتائج العامة لقياس الفقر في العراق 2013م).
  3. بيان وجهة نظر المؤسسات الاقتصادية الدولية حول دور المنظمات الدينية في اقتصاد البلدان.
  4. اعطاء صورة كاملة عن مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية وبيان نشاطاتها، مع الاشارة الى نشاطات المرجعية الخيرية الاخرى.

منهجية البحث

اعتمد البحث على التحليل الوصفي للبيانات الموجود على موقع مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية وموقع المكتب الخاص للمرجع الاعلى سماحة السيد السيستاني.

وفي سبيل تحقيق اهداف البحث والتحقق من فرضيته قسم البحث على ثلاثة مباحث كما سيأتي تختتم باستنتاجات وتوصيات.

المبحث الاول: الفقر بين الرؤيتين الاقتصادييتين الاسلامية والوضعية.

اولا: الفقر في الرؤية الاسلامية

يصف المذهب الاقتصادي الاسلامي الفقر بوصفه موضوعاً له خصائصه التي تؤطِر بناءه المفاهيمي، ويتم ذلك انطلاقا من المعنى اللغوي العام للفقر والافتقار اي الاحتياج([1])، إذ يرى الاسلام ان الانسان في حركة تكاملية دائمة من حالة افتقار الى حالة اعلى من الاشباع. ولا يمكن لهذه الحركة ان تنطلق الا اذا (استشعر) هذا الانسان حالة الفقر التي يعانيها، وهذا الاستشعار سيقود بالتأكيد الى حالة (الوعي)، فاذا اصبح الانسان واعيا لفقره فانه سوف يبحث عن آليات لرفع هذا الفقر، والى هنا فهذه  الخطوات كانت داخل الذات الانسانية، لان توفير آليات رفع الفقر هذه سيكون من خارج الذات الانسانية، ويتمثل في (اتاحة قدراته ) تشير الى تزويد الفقير بادوات ذاتية تمكنه من رفع فقره بنفسه، طبعا اذا لم يكن يعاني سببا واضحا للافتقار كأن يكون عاجزا او طفلا او ... الخ من حالات لا يجدي معها التمكين. ففي المذهب الاقتصادي الاسلامي يظهر مفهوم اخر هو (الشخص الذي افقر نفسه)، فهذا الاخير ليس فقيرا في الرؤية الاسلامية، وانما قام بافقار نفسه لانه لم يبحث عن وسائل تمكنه من رفع فقره([2]).

لهذا فان المذهب الاقتصادي الاسلامي يرى من واجب المنظومتين الاقتصادية والاجتماعية في الاسلام ان تقوما ببناء القدرات التي تمكن المسلمين من مزاولة النشاط الاقتصادي من اجل تسخير الموارد المتاحة في سبيل انتاج السلع والخدمات اللازمة لتحقيق الاشباع وسد الاحتياج([3]). من جانب اخر، فان المذهب الاقتصادي الاسلامي يهدف – على الدوام – الى خلق اقتصاد رشيد الاستهلاك، وذلك من خلال الحد من اسلوب الاسراف  في المجتمع الاسلامي([4])، وينجر هذا الرشد الى العملية الانتاجية من اجل الوصول الى الانتاج الرشيد الذي يهدف الى الكفاءة في تخصيص الموارد واستخدامها([5]).

من جهة اخرى فان المذهب الاقتصادي الاسلامي لم يهمل الفقراء ((الذين لا يستطيعون ضربا في الارض))، فخصص لهم ابوابا عديدة لتحويل الاموال من الاغنياء اليهم، ولكن جعل هذا الامر هو العلاج الاخير وليس الاول، كما ذكرنا في قضايا التمكين وتهيئة البيئة المناسبة للعمل ومزاولة النشاط الاقتصادي.

وتجدر الاشارة الى ان تحويل الاموال من الاغنياء الى الفقراء في ظل المذهب الاقتصادي الاسلامي يتم بطريقة تبعد الفقراء عن الاحساس بالدونية، فقد كان التشريع الاسلامي حريصا على ان يسود هذا الشعور في المجتمع الاسلامي، قال تعالى: ((مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) ۞ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264))) سورة البقرة. وورد العديد من الاحاديث النبوية الشريفة في مدح صدقة السر، كما في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه واله وسلم - منهم: ((ورجل تصدَّق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) اضافة الى جعل الصدقة طريقا للحصول على الصحة ودفع البلاء كما في قوله صلى الله عليه واله وسلم: ((داووا مرضاكم بالصدقات)).

ولهذا نجد في المجتمع الاسلامي وفي كثير من الاحيان ان الغني يشعر بفضل للفقير عليه عندما ياخذ من الاموال، فالفقير يصير في نظر الغني ذلك السبب الذي يقربه من الله ويكون سببا في شفاء مرضاه وسببا في دفع البلاء عنه. هذا، وقد قسم الفقه الاسلامي هذه التحويلات الى تحويلات الزامية شرعا وتحويلات اختيارية شرعا.

التحويلات الالزامية: ومن اهم القواعد التي يبتني عليها هذا الالزام هو الامتثال له، بوصفه حقا في رقبة الفرد عليه ان يؤديه الى المجتمع([6])، فالحقوق الشرعية في الاسلام من زكاة وخمس وكفارات ورد مظالم وزكاة الفطرة، كلها لازمة على الفرد المسلم شرعا، وهذا الالزام ناشيء من حرص ذاتي، فالالتزام بهذه يعد جزءا لا يتجزا من ايمان المسلم وعقيدته ، وسيترتب على هذا الالتزام امر اخر ضروريا في معالجة الفقر الا وهو استمرارية الالتزام، فالخمس والزكاة وبقية الالتزامات المالية كلها مستمرة مع استمرار اعتناق المسلم لعقيدة الاسلام، ومن ثم لن ينفك عنها لا بمرور الزمن ولا باختلاف البقعة الجغرافية([7]).

ومن اهم هذه الالتزامات الزكاة والخمس، فالزكاة عبارة عن تحويل مالي من اغنياء المسلمين الى فقرائهم بحيث يرتكز هذا التحويل على مسار اخلاقي للتكافل. وانها اي الزكاة تمثل انماط الثروة القريبة من الحاجات الاساسية للانسان من الثروة الحيوانية والثروة الزراعية، بوصفه دليل على المواءمة بين الاصل المزكى وهدف الزكاة، وفي نظرة تحليلية لشروط النصاب في الثروات التي شملتها الزكاة وشروط استحقاق الاداء، نجد انها تجسد فلسفة توزيع الموارد الطبيعية وفلسفة النشاط العام، في المذهب الاقتصادي الاسلامي لحصول نتيجة مرغوبة تتجسد في تأمين توازن تمكيني محول من الاغنياء الى الفقراء([8].

اما بخصوص الدور الذي يمارسه الخمس فانه يتجسد في الاساس المالي التي تستند عليه بنية التكافل العام في الاسلام، فمن المعلوم ان رصيد الخمس يعتمد على الواردات التي تمثل 20% من باقي القيمة المحاسبية السنوية للارباح التي تحققها الوحدات الاقتصادية في مختلف القطاعات، مضافا الى خمس الايرادات في بعض القطاعات مثل الصناعة الاستخراجية([9]).

التحويلات الاختيارية: لقد عمل الإسلام على تهذيب الانسان المسلم، وتعليمه على البذل والعطاء، وترك البخل والشح، طلبا لرضى الله تعالى. وقد عني الإسلام بهذا الجانب الخلقي الرفيع، لأنه وسيلة لتحقيق التكافل بين الناس، ولأنه - قبل ذلك - وسيلة لتهذيب النفوس، وجاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة ترغب في الإنفاق والبذل، وتحذر من الشح والبخل بأساليب متنوعة مؤثرة،وهي نصوص كثيرة جداً أذكر منها على سبيل المثال:

  • قال الله - تعالى{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 261، 262).
  • وقال: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 274).
  • وقوله تعالى: {...وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ: من الآية 39).
  • وقال: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (الحديد: 7).
  • وقال: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (الحديد: 18).

الى غيرها الكثير من الايات الكريمة، وتواترت الروايات في الحث عليها والترغيب فيها وقد روي أنها دواء المريض وبها يدفع البلاء وقد أبرم إبراماً وبها يستنزل الرزق وأنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد وأنها تخلف البركة وبها يقضى الدين وأنها تزيد في المال وأنها تدفع ميتة السوء والداء والداهية والحرق والغرق والجذام والجنون إلى أن عدَّ سبعين باباً من السوء ويستحب التبكير بها فإنه يدفع شر ذلك اليوم وفي أول الليل فإنه يدفع شر الليل([10]).

ثانيا: الفقر في الرؤية الوضعية:

تنظر المؤسسات الدولية عامة الى الفقر بوصفه واحداً من المهددات الحقيقية للاستقرار الاقتصادي والأمني و الاجتماعي، في العالم، فالدول الأقل نمواً أو ما يسمى  بـ (نادي الفقر) ارتفع عدديا من 25 دولة عام 1971 الى 48 دولة في عام 1999م ليصل اليوم إلى أكثر من 86 دولة. لقد طوّر الخبراء والأكاديميون العديد من المفاهيم والمصطلحات التي يشيع استعمالها في الأدب لشرح الجوانب المختلفة لرفاهية الإنسان. مثل الفقر ومستوى المعيشة والرفاه، وعدم المساواة والاستبعاد الاجتماعي. فالفقر ليس مفهوما ذا تعريف ذاتي. إذ توجد مجموعة واسعة من التصورات حول طبيعة الفقر حسب وجهات نظر مختلفة. ويشير الفقر المطلق إلى عتبة الدخل الدنيا التي لا يمكن للأفراد تحتها تلبية احتياجاتهم الأساسية و التي تعد حيوية من أجل البقاء. يعرف البنك الدولي الفقر المطلق عام 2005 كحالة يكون فيها كسب أسرة أقل من 1.25 دولار يومي([11])     

ومن الناحية النسبية، يقاس الفقر بوصفه نسبة مئوية من السكان ذوي دخل أقل من بعض النسب الثابتة من الدخل المتوسط. وتقارن الشرائح الأدنى من السكان مع الشرائح العليا. فعلى سبيل المثال، يستعمل الاتحاد الاوربي مقياس الفقر النسبي على أساس "المسافة الاقتصادية" والذي يتطابق مع مستوى الدخل الذي وضع في 60٪ من متوسط دخل الأسرة([12]).  

ان المصدر الرئيس للمعلومات المستعملة في تحليل الفقر الذاتي، هي رأي الأفراد و الأسر، إذ لا تستخدم متغيرات يمكن ملاحظتها وقياسها، وبالتالي فقد يكون توصيف الفقر الذاتي توصيفا غير دقيق في كثير من الاحيان. وهناك مفهوم آخر للفقر هو الفقر الشديد الذي يرتبط بالحرمان أو عدم الحصول على بعض السلع والخدمات التي تعدّ أساسية لأي فرد. وفي هذا السياق، يتم قياس الفقر من خلال المتغيرات غير النقدية ومؤشرات الحرمان. وعلاوة على ذلك، وعلى مدى العقود الماضية، تم توسيع تعريف الفقر متجاوزا المؤشرات  الاقتصادية المتمثلة بالدخل لتشمل المؤشرات الاجتماعية والثقافية مثل التعليم والصحة بوصفها أفضل انعكاس الافراد([13]).

ومن هذه المؤشرات مؤشر المستوى المعيشي والذي يشير إلى مستوى الثروة والراحة، وكمية السلع المادية والضروريات المتاحة لفئة اجتماعية معينة في منطقة جغرافية معينة. وبذلك فانّ مستوى المعيشة يعتمد على مجموعة واسعة من العوامل من اهمها الدخل، وكذلك معدل التضخم ومتوسط العمر المتوقع. وهناك ايضا مؤشر خطوط الفقر، التي تمثل القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات التي تعد ضرورية لتحقيق الاحتياجات الأساسية للأسر. وهناك عدة طرق لتشكيل خطوط الفقر، فتكلفة الاحتياجات الأساسية (CBN) هي واحدة من هذه الطرق المختلفة، حيث يتم تشكيل خط الفقر الكلي بوصفها مجموع من خط الفقر الغذائي وغير الغذائي. ففي الأول، تقدر تكلفة الحصول على ما يكفي من الغذاء لتغذية كافية، ثم تضاف تكلفة الضروريات الأخرى مثل الملابس والمأوى. وعلاوة على ذلك، يقيس نهج الحاجات الأساسية غير المشبعة (UBN) أو الاحتياجات الأساسية الدنيا (MBN) الفقر من حيث حصول الأشخاص على الاحتياجات الأساسية. ويمثل الإسكان، الخدمات الأساسية، مستويات التعليم والرعاية الصحية أربعة معايير رئيسية تستخدم من أجل تقدير الحاجات الأساسية غير المشبعة لأسرة ما([14]).

من ناحية أخرى، فالرعاية الاجتماعية هي مفهوم أضيق من مستوى المعيشة. إما الرفاه فتؤدي به الحكومة دورا رئيسا ويتجسد في : الإعانات النقدية، والرعاية الصحية، والتعليم، و وإعانات االغذاء والسكن وغيرها من الخدمات. ووفقا لهذا التعريف، ينبغي لحالة الرفاه دعم مستوى المعيشة ومنع السلوك المساهم في المخاطر الأخلاقية وسوء الاختيار. وأن حرية المواطنين تعد أمرا ضروريا من أجل الاختيار بين طرق مختلفة للحياة التي يستطيعون تقييمها. بمعنى انه يجب النظر الى الفقر بوصفه حرمانا من القدرات الأساسية، وليس فقط الحرمان من الدخل. كذلك فان عدم المساواة هو مفهوم أوسع من الفقر، لأنه يشمل جميع السكان وليس شريحة معينة منهم، وتعرف عدم المساواة بانها الحالة التي يتم فيها توزيع الأصول، الثروة أو الدخل بطريقة غير متكافئة بين فئات المجتمع، أو بين البلدان المختلفة. وهناك مؤشرات مختلفة لقياس عدم المساواة الاقتصادية، إلا أن معامل جيني اكثرها استعمالاً ([15]).

هذا ويستعمل الاستبعاد الاجتماعي في أدبيات التنمية الاجتماعية كإطار لتصور الحرمان البشري. ويجسد هذا المفهوم الطبيعة الديناميكية للحرمان بأبعاد مترابطة مختلفة. وفي هذا السياق، يخلق إقصاء الدخل أشكالاً مختلفةً للإقصاء ، مثل محدودية فرص الحصول على الخدمات بما فيها الرعاية الصحية والتعليم. ومع ذلك، عدم كفاية الدخل ليس هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤثر على الحصول على الخدمات. فقد تؤدي السياسات العامة غير المنصفة للإقصاء من الخدمات. فعلى سبيل المثال، تغطي المعاشات التقاعدية العامة أو الرعاية الصحية في بعض العراق.  ويُعرِف  مؤشر تحت خطر الفقر (الاستبعاد الاجتماعي) نصيب الأشخاص الذين هم عرضة لخطر الفقر أو لحرمان مادي خطير أو يعيشون في أسر مع كثافة عمل جد منخفضة([16]).

         وتشير كثير من الدراسات والتقارير إلى وجود ارتباط قوي بين المؤشرات الاجتماعية وبين انتشار الفقر، مثل انخفاض الدخل وسوء التغذية وانخفاض مستوى الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم والثقافة . وفي تقرير التنمية البشرية لسنة 2006 هناك تمييز بين دليلين للفقر البشري يمكن تلخيصهما في الجدول (1) التالي([17]):

جدول رقم (1) التمييز بين دليلين للفقر البشري

البعد

في البلدان النامية

في البلدان المتقدمة

حياة مديدة وصحية

احتمال العيش بعد 40 سنة

احتمال العيش بعد 60 سنة

المعرفة

معدل إلمام البالغين بالقراءة والكتابة

معدل إلمام البالغين بمهارات وظيفية

مستوى معيشة لائق

معدل السكان الذين ليس لديهم مصدر مستدام للمياه الصالحة.

ومعدل الأطفال دون الوزن السوي

معدل السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر.

ومعدل البطالة لأجل طويل ( 12 شهر وأكثر)

المصدر: تقرير التنمية البشرية، ماهو ابعد من الندرة، القوة والفقر وازمة المياه، برنامج الامم المتحدة الانمائي، امريكا، نيويورك،2006، ص 23.

المبحث الثاني : الفقر في العراق

اولا: المؤشرات الاساسية لقياس الفقر في العراق

عرفت وزارة التخطيط العراقية الفقير بأنه، أي فرد عراقي يعيش في اسرة يبلغ إنفاق الفرد الشهري لديها أقل من 76891 دينار، وأي فرد عراقي يعيش في أسرة يبلغ انفاق الفرد الشهري لديها أكثر من 76891 دينار يعتبر من غير الفقراء، وقد ارتفع هذا المبلغ لتحديد حد الفقر في عام 2012 ليصبح 105500 دينار للفرد الواحد في الشهر اي مايساوي 2,8 دولار في اليوم. وإذا حسينا بأن المبلغ الذي يحدد خط الفقر في عام ٢٠١٠ يعادل نسبة ١٠٠٪، فقد اصبح في عام ٢٠١٢ مايعادل ١٣٧٪([18]). وفيما يأتي اهم المؤشرات التي تعتمدها وزارة التخطيط في حساب الفقر:

  • نسبة الفقر: وهو المؤشر الذي يقيس الاهمية النسبية للفقراء في المجتمع ويعكس نسبة الفقراء إلى مجموع السكان بغض النظر عن مستوى دخول هؤلاء الفقراء. ويتم قياسه على مستوى الأفراد، حيث ان نسبة الافراد الفقراء هي: حجم السكان الواقعين تحت خط الفقر مقسوما على مجموع السكان. وقد اظهرت مؤشرات الفقر في العراق عام 2012 ان نسبة الفقر في العراق كانت 18.9%، اي انها انخفضت عن عام 2007، إذ كانت 22.9%، ويعود هذا الانخفاض في نسبة الفقر بين العامين الى ارتفاع دخل الفرد من 146 الف عام 2009 الى 247 الف دينار عام 2012، بسبب الزيادات في اسعار النفط الذي انعكس في زيادة الرواتب والتوظيف والاعانات الاجتماعية بموازنات وصفت حينها بالانفجارية. ويتركز الفقر في الريف بدرجة أعلى من المناطق الحضرية، إذ بلغت نسبة الفقر فيه 30.7%، و بينت مؤشرات الفقر إن حجم الأسرة لفئة الفقراء بلغ 9.25 فردا، في حين بلغ لفئة غير الفقراء 6.3 فردا([19]).

وعلى الرغم من ان نسبة الفقر في العراق اقل منها في بعض البلدان العربية كاليمن الذي تبلغ نسبة الفقر فيه 42% او مصر الذي تبلغ فيه هذه النسبة نحو 25%، الا ان العراق بلد نفطي لا يمكن مقارنته مع البلدان غير النفطية من هذه الجهة. ففي الاردن البلد غير النفطي نرى ان نسبة الفقر كانت 14.4%. وبذلك يمكن القول ان موارد البلد ليست وحدها من يقرر غنى او فقر سكانه وانما السياسات الاقتصادية والاجتماعية وما يتصل بها من الحكم الصالح، ففي السعودية صاحبة اكبر احتياطي نفطي، واعلى مصدر للنفط الخام في العالم يعاني 12.7% من السكان من الفقر([20]).  

  • فجوة الفقر: وهو مؤشر يقيس حجم الفجوة الإجمالية الموجودة بين دخول الفقراء وخط الفقر، ويتم حسابه بالوحدات النقدية كونه يمثل إجمالي المبلغ اللازم لرفع مستويات استهلاك الفقراء الى مستوى خط الفقر. ولاغراض المقارنة يتم حساب المؤشر كنسبة مئوية من القيمة الكلية لاستهلاك كافة السكان عندما يكون مستوى استهلاك كل منهم مساويا لخط الفقر وبـالصيغة الاتية:

     فجوة الفقر = }مجموع (خط الفقر – مستوى الاستهلاك) / (عدد الفقراء × خط الفقر){ × 100%

يعد مؤشر فجوة الفقر من المؤشرات المهمة في قياس الفقر والتعرف على مستوى دخول الفقراء. وانه يوضح الفرق ما بين دخول الفقراء وخط الفقر. وتعد فجوة الفقر في العراق البالغة 4.1 المائة منخفضة للغاية، استثناء للظروف الحالية التي يمر بها العراق من الناحية الاقتصادية والأمنية، مقارنة بالدول الأخرى، حيث تزيد فجوة الفقر لسكان الريف البالغة 7.6 بالمائة على ثلاثة أضعاف نسبتها لسكان المدن البالغة 2.5 بالمائة. ولا يعني هذا ان هناك نسبة اعلى من سكان الريف فحسب، بل يعني أيضا أن سكان الريف نسبيا هم أكثر فقرا([21]).

  • شدة الفقر: تعد شدة الفقر مقاسة بمربع دليل فجوة الفقر البالغة 1.4 % عام 2012 واطئة للغاية (الانتقال في الإنفاق من شخص تحت خط الفقر الى شخص أكثر فقرا لن يغير مؤشر الفقر، إلا أنه يغير فجوة الفقر تربيع) لهذا السبب تُعَدّ فجوة الفقر تربيعا ذا أهمية عملية لصناع السياسة، لأنها تجعل الفقر الشديد منظورا([22]). وفي العراق فان شدة الفقر تظهر على النازحين بسبب الاعمال الارهابية التي يواجهها البلد منذ سنين طويلة، إذ ليس من السهل ايصال المساعدات الغذائية والصحية اليهم، ما يجعلهم اكثر فقرا، الا ان هذا العامل هو عامل طاريء سيزول مع تحرير الاراضي واعادة النازحين الى ديارهم.
  • يعد خط الفقر الرسمي في العراق البالغ 105500 دينار عام 2012، والمستند الى إنفاق السكان وحاجاتهم الفعلية ، هو الأكثر فائدة لتحليل أسباب الفقر في العراق ونتائجه. لان خط الفقر يحدد بشكل دقيق الفقير عن غيره، وعليه يمكن إعطاء صورة واضحة عن الأفراد أو المجموعات الذين يعانون ممن الفقر في مدة زمنية معينة،  و يمكن إجراء مقارنات حسب التطور الزمني للفقر إذا توافرت البيانات عن عدة مدد زمنية([23]).
  • بلغ معدل البطالة للأفراد البالغين (عمر 15 سنة فأكثر) بين فئة الفقراء 14.5 % عام 2012، و أظهرت النتائج أن متوسط دخل الفرد الشهري لفئة الفقراء بلغ 96 ألف دينار، في حين بلغ متوسط دخل الفرد لفئة غير الفقراء 284 ألف دينار([24]).

ثانيا: الاستعراض الجغرافي للفقر في العراق:

تأخذ خرائط الفقر التي تعرف بأنها الاستعراض الجغرافي لمستويات المعيشة على مستوى مكاني اكثر تفصيلا، إذ تستعرض أبعاداً متعددة لمستويات المعيشة مثل التعليم، والصحة وسوء التغذية والتشغيل والدخل وظروف السكن و توفر الخدمات، و انها توضح تأثير الأبعاد المتعددة لمستويات المعيشة على الفقر بشكل مرئي عن طريق عرض البيانات باستعمال نظم المعلومات الجغرافية، ويستعمل في رسمها كل من بيانات التعداد (مسح واسع النطاق لعدم وجود التعداد السكاني) ، ومسح دخل الأسرة وانفاقها والمؤشرات الأخرى ذات العلاقة ويعتمد في اعدادها على اساليب الاقتصاد القياسي المتطورة ومجموعة من المتغيرات المتماثلة والمتوفرة من المسحين المذكورين.

وتأتي أهمية خرائط الاستهداف الحديثة والدقيقة في التخطيط ورسم السياسات ورسمها للحد من الفقر اذ توفر ترتيبا للنواحي في جميع المحافظات حسب نسبة الفقراء وفجوة الفقر وعدد الفقراء فيها، فضلا عن خصائص السكان وظروف المعيشة وتكشفت خرائط الفقر مستويات عالية من عدم المساواة والتفاوت عبر المناطق وداخلها بمجرد االنظر اليها. و أنها تسأهم في تحقيق اللامركزية، اذ تمكن من إدارة الخدمات التنموية  وكذلك الموارد على المستوى المحلي بشكل امثل وتحقيق الشفافية، لان الخرائط  تؤدي الى الشفافية في اتخاذ القرارات وتحديد اولويات التدخلات المطلوبة لتقديم الخدمات التنموية في المحافظات والنواحي التابعة لها. وتسهم في رفع كفاءة جهود التنمية المستخدمة بما يضمن استفادة الفئات الاكثر فقرا من البرامج التي تقوم بها المؤسسات الحكومية، بينما تُعَدّ احد الآليات المناسبة لاستهداف المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية الذي تديره وزارة العمل والشؤون الاجتماعية .

وتستعمل خرائط الفقر بوصفها أداة وتوزيع الموارد واستعمالها بإنصاف وبشكل اكثر فاعلية حيث تقدم معلومات عن بؤر الفقر والمؤشرات المرتبطة به على مستوى أصغر وحدة إدارية، وهي الناحية، وتتيح تصميم برامج مفصلة حسب الظروف والاحتياجات المحددة وعلى مستوى الناحية، فانها تسهم في تقليل الهدر بالموارد الخاصة بالبرامج الموجهة للفقراء وتسرب المزايا الى غير الفقراء والذي يسمى بخطأ التسرب باعتبارها اداة تنموية تفصيلية تستفيد منها الوزارات والحكومات المحلية والجهات المانحة ، والمنظمات غير الحكومية، و تُعَدّ خطا أساسيا للمعلومات والرصد تستعمل في قياس الانجازات المتحققة في مجال تخفيف الفقر (رصد ومتابعة التطوير في مستويات المعيشة)([25]).

  • مؤشرات الفقر والتفاوت حسب المحافظات:

ان الفقر داخل العراق موزع بصورة غير متساوية من الناحية الجغرافية. و ان تشخيص المناطق الجغرافية الافقر امر لايخلو من التعقيد. إذ أن هناك طرائق متعددة لقياس الفقر وتتبعه. ويبين الجدول رقم (2) السكان ومؤشرات الفقر الرئيسة من ا لناحية الجغرافية.

ومن حيث المبدأ، فان المناطق التي تضم معدلات مرتفعة من الفقر (حسب قياسه بعدد الافراد الفقراء) لا تحتوي بالضرورة على فقر شديد او مدقع، الا ان من الملاحظ في العراق ان مختلف مقاييس الفقر تتوافق بقوة، أي ان المناطق التي فيها اعلى مقاييس الفقر تكون فيها على العموم اعلى مقاييس لفجوة الفقر ومربع فجوة الفقر، لهذه الحقيقة أثر سياسي مهم، مما يعني ان البرامج التي تستهدف المناطق ذات المعدلات الاعلى للفقر (مقياس الفقر) ستصل ايضا الى الشرائح الافقر من بين الفقراء (مقياس فجوة الفقر ومربع فجوة الفقر).

الجدول رقم (2): مؤشرات الفقر والتفاوت حسب المحافظات لعام 2012

المحافظة

معامل جيني

مربع فجوة الفقر

فجوة الفقر

نسبة الفقر

المجموع

حضر

ريف

المجموع

حضر

ريف

المجموع

حضر

ريف

المجموع

حضر

ريف

المثنى

26.4

26.6

24.5

5.5

2.3

9.6

14.4

6.6

23.8

52.5

29.1

73

القادسية

28.4

26.2

24.0

4.9

3.2

7.4

12.4

8.7

18.8

44.1

38.2

63.7

ميسان

28.6

28.7

24.2

4.5

1.5

7

11.8

5.2

17.9

42.3

27.8

61

ذي قار

29.4

26.3

28.3

3.7

2.0

8.8

10.2

6.5

20.2

40.9

32.0

60.2

نينوى

28.1

28.2

26.8

2.6

1.8

3.7

8.0

6.0

10.9

34.5

27.7

44.9

واسط

29.1

28.7

28.4

2.5

1.7

3.6

6.5

4.8

9

26.1

21.3

32.8

ديالى

26.6

27.2

24.7

1.1

0.4

1.4

4.0

1.6

4.8

20.5

10.1

25.4

صلاح الدين

26.9

25.7

26.8

0.1

0.6

1.6

3.1

2.5

5.3

16.6

15.2

25.2

الانبار

22.8

25.5

27.7

0.8

0.5

1.3

2.7

1.9

4.2

15.4

11.1

21.1

البصرة

24.4

26.0

23.3

0.8

0.3

0.6

2.8

1.2

2.8

14.9

6.4

20

بابل

25.9

23.8

26.5

0.7

0.7

1.2

2.6

2.5

4.1

14.5

13.7

19.6

كربلاء

25.0

26.7

21.7

0.5

0.5

0.8

2.0

1.8

3.3

12.4

9.7

18.7

بغداد

27.4

22.6

22.5

0.5

0.5

1.2

2.0

1.6

3.9

12.0

12.4

18.2

النجف

27.2

25.3

23.9

0.4

0.3

0.7

1.7

1.2

2.8

10.8

6.1

15.4

كركوك

26.0

25.3

20.7

0.4

0.5

0.4

1.7

2.1

1.8

9.1

12.3

12.5

دهوك

27.1

26.3

27.2

0.2

2

0.4

9

7

1.7

5.8

4.1

10.5

اربيل

28.2

27.7

25.0

0.2

1

0.3

5

3

1.3

3.6

2.4

9.3

سليمانية

25.7

25.5

25.0

0.1

1

0.3

4

3

1

2.0

1.4

4.8

العراق

29.5

28.9

1.4

0.7

2.7

4.1

2.5

7.6

18.9

13.5

30.7

المصدر: نتائج تحليل الفقر بالاعتماد على نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي / الجهاز المركزي للإحصاء / 2012

واضافة الى ما ذكر في الفقرة اولا من المبحث الثاني، فانه يلاحظ على الجدول ما يأتي:

  • ان نسبة الفقر كانت 18.9% يتركز الجزء الاكبر منها في الريف العراقي، ولكن هذه النسبة ازدادت الى 24% بعد احتلال داعش لمناطق عراقية، ووصلت الى 30% حسب تخمينات وزارة التخطيط، وتتوقع الوزارة ان تزداد هذه النسبة مع انخفاض اسعار النفط الخام واستمرار الاعمال العسكرية إذ قد تصل الى 31%.
  • ان محافظات اقليم كوردستان كانت الاقل فقرا بين المحافظات العراقية، ما يعكس اثر السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تبنتها حكومة الاقليم، وانها كانت انجح من الحكومة المركزية بالعمل على الحد من الفقر.
  • ان المحافظات الجنوبية كانت الاكثر فقرا، وهي المثنى والقادسية وميسان، وهذا يعكس ضعف التخطيط الاقليمي للاستثمار، فاذا كان الارهاب هو احد اسباب الفقر، فلماذا الفقر في المحافظات الامنة، بل الاكثر امنا كالمثنى؟؟ لا جواب سوى فشل الادارة الحكومية لموارد الدولة.
  • ان المحافظات التي تعاني من وجود عصابات الارهاب فيها – قبل سقوطها بيد داعش- كانت اقل فقرا من المحافظات التي لا تعاني الارهاب.
  • ان المحافظات التي ينشط فيها القطاع السياحي كالنجف وكربلاء وبغداد، كانت اقل فقرا من المحافظات النفطية كالبصرة وميسان. فعلى سبيل المثال نجد نسبة الفقر في محافظة النجف الاشرف 10.8 % بينما في ميسان كانت 27.8% بفارق 17% وهي نسبة كبيرة تعكس أمرين: الاول هو ان النشاط الاقتصادي الخاص يقلل من حدة الفقر اكثر من النشاط الاقتصادي العام المتمثل بالقطاع الحكومي. اما الامر الثاني، فهو ان السياحة تُعَدّ مصدرا مهما للدخل ويجب ان تؤخذ بالحسبان في جميع مناطق العراق وبالاخص في محافظات الاهوار المؤهلة للسياحة.

المبحث الثالث: تجربة المرجعية الدينية (اشارة خاصة لمؤسسة العين).

اولا: دور المنظمات الدينية في التنمية

تُعَدّ المؤسسات الاقتصادية الدولية بوصلة مهمة لتوضيح الاتجاهات التي يجب ان تسير عليها المجتمعات من اجل معالجة مشاكلها الاقتصادية. ومن أهم هذه المؤسسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير.

ويرى البنك الدولي ان المنظمات الدينية تؤدي دورا أكثر فأكثر أهمية في ميدان التعاون من أجل تشجيع التنمية الدولية، وتعترف العديد من المؤسسات الدولية بتلك المنظمات بوصفهم مشاركين مهمين في العديد من القضايا الاقتصادية، وقد جاءت وجهة النظر هذه بوصفها ردَّ فعل على النتائج السابقة للاستراتيجيات العلمانية التي كانت مخيبة للامال. وترجع علاقة البنك الدولي للانشاء والتعمير بالمنظمات الدينية الى عام 1990 عندما بحث البنك الدولي عن ترقية علاقات تعاون مع المنظمات الدينية بما فيها مع المجلس المسكوني للكنائس (COE)، وحتى اعلان اهداف الالفية عام 2000 بهدف محاربة الفقر([26])،

ان النقطة المهمة في اعتراف البنك الدولي بطاقة المنظمات الدينية في ميدان مكافحة الفقر ودعم التنمية، شكّل مفاجأة كبيرة في تحول النظرة تجاه الدين ودوره في هذه القضايا،  فإن الدين والروحانية والإيمان كانت مستبعدة تماما في النظريات والقرارات السياسية والممارسات في ميدان التنمية، استنادا إلى العقلانية كإحدى أهم أسس الليبرالية([27]).  ولكن موقف البنك الدولي قد غير هذه النظرة، إذ اكد البنك بأن العديد من التنظيمات الدينية والهيئات العلمانية للتنمية، تشترك في الانشغالات الكبيرة نفسها، التي من بينها:

 1) ترقية وضعية الناس من حالة الفقر المادي.

 2) ترقية المركز المجتمعي لضحايا التهميش الاجتماعي.

 3) وترقية الطاقة البشرية غير المستثمرة .

 وبالنظر إلى الفوارق الصارخة التي تتجلى داخل البلدان وبينها في ميدان التنمية. فإن البنك الدولي ومختلف المؤسسات النقدية العلمانية، ، كانت متيقنة أكثر فأكثر من أن دعم التعاون مع المنظمات الدينية، يمكنه أن يسهم جيدا في بلوغ أهداف التنمية بقدر ما أن مسائل العدالة الاجتماعية والاقتصادية تقع في قلب التعاليم التي تقدمها ديانات العالم([28]) .

وتعد المرجعية الدينية اهم المنظمات الدينية بالنسبة للطائفة الشيعية، والمرجع الديني هو الفقيه المجتهد المسئول عن بيان الحكم الشرعي الذي يحتاج المؤمنون معرفته في عباداتهم ومعاملاتهم. اما المرجعية الدينية فهي كيان فقهي كبير يحتل من حياة الشيعة السياسية والدينية مساحة واسعة جداً، إذ يرتبط بها الجمهور بأوثق العلاقات وأمتنها، وتكتسب تعليمات المرجعية بالنسبة للفرد الشيعي صفة الأمر والحكم الشرعي الملزم دينياً والذي لا يجوز التخلف عنه ومخالفته وللشيعة طريقتهم الخاصة في انتخاب المرجع الديني الذي يتصدى لشؤون التقليد فلا يتم اختيار المرجع من قبل النظام الحاكم وإنما يتم انتخاب المرجع بصورة تدريجية عبر الزمن والسبب في ذلك أن ارتباط (المقلّد) الفرد المسلم بالمرجع يتم بعد اكتمال الثقة الكافية في نفس الفرد تجاه المرجع في كفاءته الدينية والعلمية والإدارية وامتداد هذه الثقة في مساحة واسعة من المجتمع يحتاج إلى زمن غير قليل). إذن فالمرجعية لا يجري تعيينها بقرار رئاسي أو ملكي بل يجري طرحه من قبل علماء الدين الذين يزكون واحدا من أبرز علماء الحوزة والذي تتوفر فيه الشروط التي ذكرناها سابقا وعادة ما يكون هناك أكثر من مرجعية على الساحة تتحمل مسؤوليات ثلاثاً:

الأولى: هي الفتيا وتشخيص العقائد والمفاهيم والأفكار الإسلامية والأحكام الشرعية، وتعليم الناس.

الثانية: مسؤولية الولاية وإدارة شؤون المسلمين السياسية والاجتماعية والعمل التغييري.

الثالثة: مسؤولية القضاء وحل النزاعات بين الناس([29]).

        ومن المسؤولية الثانية تنطلق وظيفة المرجعية ودورها في الحد من الفقر.

ثانيا: بعض تجارب المرجعية للحد من الفقر

لا تنتهج المرجعية الدينية نهجا واحدا في سبيل محاربة الفقر واسبابه ونتائجه، فعلى سبيل المثال فان المرجعية تعد من اكبر المؤسسات الدينية في العراق التي تحارب الفساد عبر دعواتها المتكررة في بياناتها ومن على منبر صلاة الجمعة([30]) ، ولا شك ان الفساد هو اهم سبب للفقر في العراق([31])، و انها ومن على هذا المنبر ايضا دعت دعواتٍ متكررة الى تعديل سلم الرواتب ومراعاة العدالة الاجتماعية([32]) .

من جانب اخر قامت المرجعية ببناء مجموعة من المجمعات السكنية وغيرها لاهداف متعددة كإيواء النازحين وإسكان بعض شرائح المجتمع وتقديم بعض الخدمات الطبية، والمجمعات هي:

  • المجمع السكني للنازحين - النجف الأشرف:  وقد تم انجاز المرحلة الاولى بانشاء (300) وحدة سكنية لاسكان ثلاثمائة عائلة، وهي وحدات  عازلة للحرارة  بمساحة (40) متراً مربعاً لكل وحدة، تتألف من (غرفة معيشة + مطبخ + غرفتي نوم + حمام). و تحتوي هذه الوحدات على خدمات متكاملة من (ماء + كهرباء + مجاري)، وتم التنفيذ بإشراف كادر فني وهندسي متخصص ذي خبرة في مجال انشاء المجمعات السكنية.
  • مجمعّ مدينة العلم السكني - النجف الاشرف: وحدات سكنية على قطع أراضي بمساحة (150, 200 , 250 ) م2 وبنسب بحدود (80% , 18%, 2% ) من المجموع الكلي لعدد الوحدات وبحدود (900) وحدة سكنية، ومدارس ابتدائية ( بضمنها حضانة ) , واعدادية وثانوية بما يضمن حاجة التركيبة السكانية للمدينة السكنية. و مراكز صحية، ومحلات تجارية، و نادي رياضي صحي، و مباني تعليمية وثقافية.
  • مجمعّ الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) السكني - كربلاء المقدسة: وقد أقيم المشروع على أرض مساحتها (5000) م2، ويشتمل على (8) بنايات وكل بناية على (8) شقق سكنية، وأنجز لحد الآن حوالي 70% من مراحل المشروع.
  • مجمع الإمام الحسين (عليه السلام) الطبي التخصصي - كربلاء المقدسة: ويشتمل على عيادة طب الاسنان وعيادة طب العيون وهما مجهزتان بأحدث المعدات المتطورة، بالاضافة الى الصيدلية، ويبلغ عدد المراجعين للمجمع (100 ـ 120) مريض يومياً.

وقد اسست المرجعية مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية، وهي مؤسسة إنسانية مستقلة ذات نفع عام تُعنى بشؤون يتامى الشهداء في الدفاع عن العراق ومقدساته، ويتامى الشهداء من ضحايا العمليات الإرهابية في العراق، وكذلك يتامى المتوفين وفاة طبيعية ممن هم بحاجة إلى رعاية. والمؤسسة إضافة إلى رعايتها لليتامى فهي معنية بتقديم المساعدات للنازحين. وقد تم تأسيسها في  كانون الثاني 2006، ولها الآن مقر رئيس وفرعان وستة مكاتب في بغداد (17) سبعة عشر فرعا و(20) مكتباً في المحافظات العراقية المختلفة، إضافة إلى (13) ثلاثة عشر مكتباً خارج العراق، وقد بلغ عدد اليتامى المكفولين لدى المؤسسة لغاية عام 2015 أكثر من (30) ثلاثون ألف يتيم، بينما بلغت الميزانية الكلية المصروفة للمؤسسة حتى عام 2015 م حوالي 90,859,893,942 دينار عراقي. والمؤسسة مسجلة لدى دائرة منظمات المجتمع المدني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تحت رقم التسجيل 1z71970، وهي حائزة على صفة ذات النفع العام.

وفيما يأتي توضيح لاهم المشاريع التي قامت بها المؤسسة:

  • المشاريع الاستثمارية: وهي مشاريع اقيمت لتدَّر عائدا ماليا ينفق على الفقراء، وتسمى بمشاريع الصدقة الجارية، ويمكن تلخيصها بالجدول الاتي:

الجدول رقم (3): المشاريع الاستثمارية لمؤسسة العين للمدة (2006-2015)

ت

المحافظة

المشروع

حالة المشروع

1

محافظة بغداد

دار في منطقة زيونة

منجز

مجمع سكني في منطقة المعامل

منجز

فندق الكاظمية المقدسة

قيد الانجاز

دار سكنية في منطقة العطيفية

منجز

عمارة سكنية في البتاوين

منجز

مجمع سكني في كسرة وعطش

قيد الانجاز

مراكز التدريب المهنية

قيد الانجاز

2

النجف الاشرف

قطعة ارض النداء

منزل السيد الخوئي

منجز

عمارة الحبيب

منجز

فندق نور الحسين

قيد الانجاز

قطعة ارض النداء 2

قطعة ارض حي العدالة

3

كربلاء المقدسة

مشروع ميثم التمار

قيد الانجاز

قطعة ارض اربعون دونما

فندق رقية (ع)

منجز

مجمع صحي

قيد الانجاز

قطعة ارض 12 دونم

قطعة ارض صغيرة

4

محافظة المثنى

شقق ومحلات تجارية

منجز

محلات تجارية

منجز

قطعة ارض

قطعة ارض

5

محافظة البصرة

دار اليتامى

منجز

قطعة ارض الزبير

6

محافظة بابل

قطعة ارض البكرلي

شقق سكنية

قيد الانجاز

المصدر: مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية، www.aynyateem.com

ويلاحظ على الجدول رقم (3) عدم التوازن بين فقر المحافظة وحجم المشاريع الاستثمارية فيها، فالمحافظات الافقر وهي المثنى والقادسية وميسان، كانت حصتها اقل من المحافظات الاغنى وهي النجف وكربلاء وبغداد. ويمكن تبرير ذلك بان الفرص الاستثمارية في المحافظات الافقر قليلة. كذلك فان المحافظة الافقر وهي محافظة المثنى قد حظيت بمجموعة من المشاريع الاستثمارية ولكن يتطلب زيادة حجمها وتفعيلها.

  • الدعم الصحي: تقدم المؤسسة دعما صحيا للفقراء يتمثل في دفع تكاليف العلاج والعمليات الجراحية التي يحتاجونها منذ عام 2010، والتي يلخصها الجدول رقم (4).

وقد أنفقت المؤسسة على الدعم الصحي حتى نهاية عام 2015 مبلغا قدره 75,879,250 لمعالجة 3431 حالة. وعلى الرغم من ان هذا المبلغ يعد مبلغا منخفضا قياسا الى الميزانيات الضخمة لوزارة الصحة الا انها تعتمد اسلوبا اكثر شفافية واقل فسادا، فعلى سبيل المثال خصصت وزارة الصحة العراقية 500 مليون دولارا عام 2015 لاستيراد الادوية([33])، ولكن مع ذلك لوحظ عجز مستشفيات العراق في تقديم الادوية الضرورية، وعليه يعد اسلوب الدعم للمريض مباشرة وليس للمؤسسة احد السبل التي يمكن من خلالها الحد من الفساد، وجعل المؤسسة تعمل وفق المعايير الاقتصادية الربحية.

الجدول رقم (4): الدعم الصحي المقدم من قبل المؤسسة للفقراء

السنة

عدد الحالات

العمليات داخل العراق

العمليات خارج العراق

المجموع

2010

374

28

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

4,181,250

2011

527

34

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

8,622,000

2012

625

16

6

12,958,000

2013

609

16

2

11,744,750

2014

985

23

2

27,508,250

2015

311

6

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

10,865,000

المجموع

3431

123

10

75,879,250

المصدر: مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية، www.aynyateem.com

ج- كفالة الأيتام: أطلقت المؤسسة نظام الكفالة الخاصة، وهو نظام يتعهد المحسنون فيه بدفع راتب شهري ليتيم واحد أو أكثر، وتعمل المؤسسة هنا بوصفها وسيطاً بين اليتيم وكافله، وقد تنوعت أقسام الكفالة إلى أربع أنواع:

  • الكفالة الاعتيادية: وتخصص ليتامى شهداء العمليات الإرهابيّة، ويتامى المتوفين وفاة طبيعية، ممن شملتهم المؤسسة برعايتها، ويكون مقدارها خمسة وسبعون ألف دينار عراقي.
  • كفالة المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة: وتخصص لليتامى المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، ويكون مقدارها مئة ألف دينار عراقي .
  • كفالة يتامى شهداء المتطوعين: وتخصص ليتامى الشهداء المتطوعين الذين لبّوا نداء المرجعيّة الرشيدة، ويكون مقدارها مئة ألف دينار عراقي.
  • كفالة الأيتام المتفوقين: وتخصص لليتامى المتفوقين دراسيا، ويكون مقدارها مئة وعشرون ألف دينار عراقي.

وقد بلغ عدد الايتام المكفولين حتى نهاية عام 2015 اكثر من 41 الف يتيما، منهم اكثر من 19 الف يتيما مكفولا كفالة خاصة، واكثر من اربعة الاف وربع هم ايتام الشهداء وضحايا الارهاب.

د- تقديم مساعدات عينية للعوائل الفقيرة: تتجسد هذه المساعدات بصورة نقود او سلع منزلية او مواد غذائية، وغيرها، وقد بلغ عدد العوائل المسجلة لدى المؤسسة في عموم العراق 15696 عائلة موزعة على عموم العراق حتى نهاية عام 2016.

هذا، وتعتمد المؤسسة في تغطية مجمل أعمالها ومصروفاتها على:

  • المُنح المقدمة من قبل مكتب سماحة المرجع الدينـي الأعلـى السيـد علـي الحسينـي السيستاني (دامَ ظِله الوارفِ) والتي تمثل الدعم الأساس للمؤسسة والحقوق الشرعية المأَذونة في قبضها.
  • ما تُقدمه الجهات الخيرية والمحسنون الذين يرغبون بكفالة اليتامى وخاصة (الذين يتبنون موضوع الكفالة الخاصة.
  • صناديق الصدقات الخاصة بالمؤسسة التي توزع عن طريـق مقر المؤسسة الكائـن في الكاظميـة المقدسة وفروعها في بغداد والمحافظات.
  • الصدقة الجارية : وهي مشاريع خيرية (منها خدمية وأخرى ربحية) يعود نفعها لليتامى الذين ترعاهم المؤسسـة، إذ أن جميـع هذه المشاريـع تُعدُ أوقافاً تتولاهـا المرجعيـة العليـا في النجـف الأشرف المتمثلـة بسماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسينـي السيستانـي (دام ظله)، وتُدار مـن قبل المؤسسة؛ ليُصرف ريعها لمصلحة اليتامى المسجلين لديها.

ويوضح الشكل البياني الآتي ميزانية المؤسسة خلال المدة (2006-2015)، ويتضح من الشكل رقم (1)، ان ميزانية المؤسسة في حالة زيادة مضطردة إذ ارتفعت من 465,242,000 دينارا عراقيا عام 2006 الى 32,235,509,074 عام 2015.

الشكل رقم (1):  ميزانية المؤسسة خلال المدة (2006-2015) (دينار عراقي)

الشكل من اعداد الباحثين اعتمادا على البيانات الموجودة على:                         http://www.sistani.org/arabic/social-service

اي انها نمت بمعدل نمو مركب قدره 14.16%، وهو معدل نمو جيد، ويمكن لهذا المعدل ان يبقى مرتفعا في المدة القادمة، اذا استمرت المؤسسة بحملتها الاعلامية وكثفتها اكثر.   

كذلك اسهمت مرجعية السيد الديني الكبير سماحة السيد محمد سعيد الحكيم في مكافحة الفقر، إذ اسس مؤسسة اليتيم الخيرية في 4/4/2007، وهي منظمة إنسانية عراقية غير حكومية تقدم الرعاية المادية والمعنوية الى الأيتام الذين فقدوا آباءَهم بصورة طبيعية أو بسبب المرض أو جرّاء العمليات الإرهابية وأيتام شهداء الحشد الشعبي، والى الأرامل والنازحين والمنكوبين بسبب الكوارث الطبيعية وغيرها بغض النظر عن العِرق والدين، وتتبع المؤسسة للمرجع الديني الكبير سماحة السيد محمد سعيد الحكيم. ولم تؤخذ حالة هذه المؤسسة توخيا للاختصار.

الاستنتاجات

  1. على الرغم من ان نسبة الفقر في العراق اقل منها في بعض البلدان العربية كاليمن الذي تبلغ نسبة الفقر فيه 42% او مصر الذي تبلغ فيه هذه النسبة نحو 25%، الا ان العراق بلد نفطي لا يمكن مقارنته مع البلدان غير النفطية من هذه الجهة. ففي الاردن البلد غير النفطي نرى ان نسبة الفقر كانت 14.4%.
  2. ان نسبة الفقر كانت 18.9% يتركز الجزء الاكبر منها في الريف العراقي، ولكن هذه النسبة ازدادت الى 24% بعد احتلال داعش لمناطق عراقية، ووصلت الى 30% حسب تخمينات وزارة التخطيط، وتتوقع الوزارة ان تزداد هذه النسبة مع انخفاض اسعار النفط الخام واستمرار الاعمال العسكرية إذ قد تصل الى 31%.
  3. ان المحافظات الجنوبية كانت الاكثر فقرا، وهي المثنى والقادسية وميسان، وهذا يعكس ضعف التخطيط الاقليمي للاستثمار، فاذا كان الارهاب هو احد اسباب الفقر، فلماذا الفقر في المحافظات الامنة، بل الاكثر امنا كالمثنى؟؟ لا جواب سوى فشل الادارة الحكومية لموارد الدولة.
  4. ان المحافظات التي تعاني من وجود عصابات الارهاب فيها – قبل سقوطها بيد داعش- كانت اقل فقرا من المحافظات التي لا تعاني الارهاب.
  5. ان المحافظات التي ينشط فيها القطاع السياحي كالنجف وكربلاء وبغداد، كانت اقل فقرا من المحافظات النفطية كالبصرة وميسان.
  6. ويرى البنك الدولي ان المنظمات الدينية تؤدي دورا أكثر أهمية في ميدان التعاون من أجل تشجيع التنمية الدولية، وتعترف العديد من المؤسسات الدولية بتلك المنظمات بوصفهم مشاركين مهمين في العديد من القضايا الاقتصادية.
  7. تكفل مؤسسة العين (14) واحداً واربعين الفا من ايتام العراق في حين ان عدد الايتام قد يصل الى 4 ملايين يتيم، هذا يعني ان المؤسسة تكفل 1% من ايتام العراق، اي اننا بحاجة الى 99 مؤسسة اخرى بحجم مؤسسة العين لكفالة ايتام العراق جميعهم .

التوصيات

  • نشر القيم الانسانية والاخلاقية، استنهاض ذو المروءة والقيم العليا للاديان والمجتمع بالاستعانة بمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدينية والعشائرية، وجعل ثقافة معالجة الفقر ثقافة يتبناها المجتمع، ويسعى الى الحد منه.
  • نشر ثقافة الالتزام بدفع الحقوق الشرعية الدينية بما تمثله من حق في رقبة الغني تجاه الفقير.
  • على الحكومة العراقية ووزارة تخطيطها ان تكون اكثر جدية بشأن الاحصاءات والبيانات الخاصة بقضايا الفقر، والتي تعدها كل خمس سنوات.
  • تنمية القطاعات الانتاجية والسياحية في المحافظات الاكثر فقرا وهي (المثنى والقادسية وميسان).
  • على المؤسسات الدينية والاجتماعية ومنها مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية ان تقيم مشاريع انتاجية في المحافظات الاكثر فقرا.
  • ينبغي على الحكومة والمهتمين بمكافحة الفساد ان يدرسوا تجربة مؤسسة العين بدعم المريض وليس بدعم المؤسسات الصحية التي تنفق اموالا كبيرة دون وصولها الى المستفيد الحقيقي، ويمكن ان يعد هذا اسلوبا جديدا لخصخصة المؤسسات الصحية.

المصــــادر

  • ابراهيم البيومي واخرون، بناء المفاهيم دراسة معرفية ونماذج تطبيقية، المعهد العالمي للفكر الاسلامي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع،ج1،ط1، 2008،ص31.
  • وهذا ما نجده واضحا في اجابة سماحة السيد علي الحسيني السيستاني على بعض الاستفتاءات (السؤال: ما هو الفرق بين الفقير والمسكين في موارد استحقاق دفع الكفارات والوجوهات الشرعية الاخرى؟ الجواب: المراد بالفقير من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله لنفسه وعائلته، لا بالفعل ولا بالقوة، فلا يجوز اعطاء الزكاة لمن يجد من المال ما يفي ـ ولو بالتجارة و الاستنماء ـ بمصرفه .... السؤال: يتوسط بعض طلاب الحوزة العلمية من سكنة المحافظات او غيرهم في ايصال بعض الحقوق الشرعية الى بيت المرجعية فيعطى لهم أحيانا جزء منها - بنسبة الثلث أو أقل أو أزيد وقد أشكل فهم ذلك على الأشخاص فيسألون هل أن ذلك على وجه الهبة أو التمليك أم ماذا ؟ لجواب: ليس على وجه الهبة والتمليك بل مجرد الاذن بصرفه في موارده المقررة شرعا وفق الضوابط المذكورة لذاك في الرسالة الفتوائية، فلو اعطي مقدارا من حقوق الفقراء – كمجهول المالك وردّ المظالم- ولم يكن هو فقيرا شرعا - ولو لكونه قادرا على العمل وتوفير نفقته لولا كونه مشتغلا بطلب العلم من دون أن يكون واجبا عليه عينا- لم يجز له أن يتناول شيئا منه بل عليه صرفه على غيره من المستحقين، ولو أعطي من سهم الإمام (ع) وكان ممن يصرف اوقاته في تحصيل العلوم الدينية ويهيأ نفسه للقيام بترويج الشرع المقدس ونشر أحكامه ومعارفه ونحو ذلك  من الخدمات الدينية العامة جاز له ان يتناول منه على حد ما سيأتي بيانه بالنسبة الى أصحاب الاجازات. .....  السؤال: تنص اجازتكم في الحقوق الشرعية على أن للمجاز (الوكيل) صرف الثلث –مثلا- مما يتسلمه من سهم الإمام (ع) أو غيره من الحقوق الشرعية في مواردها المقررة شرعا، ومعنى ذلك - فيما نفهم- أن هذا المقدار ليس مخصصا للمجاز نفسه بصفته حاملا للإجازة، بل عليه ان يراعي في صرفه الضوابط الشرعية لذلك، وبناء على هذا فما هي حدود ما يسمح للمجاز ان يصرفه على نفسه مما يقبضه من الحقوق الشرعية ؟ الجواب: اذا كان الحق المقبوض من قبيل سهم السادة وردّ المظالم ومجهول المالك والكفارات ونحوها من حقوق الفقراء وكان المجاز فقيرا - بالمعنى الشرعي للفقر- واجتمعت فيه سائر شروط استحقاق ذلك الحق جاز له أن يأخذ منه بمقدار مؤنته اللائقة بشأنه لا أزيد، وان كان الحق المقبوض من قبيل سهم الإمام (ع) وكان المجاز ممن يصرف اوقاته في القيام بخدمة دينية عامة مثل تعليم الجاهلين وارشاد الضالين ونصح المؤمنين ووعظهم ونحو ذلك جاز له ان يتناول منه بمقدار ما يحتاج اليه في مؤنته مع مراعاة الاقتصاد وعدم التجاوز عن المستوى المعيشي لذوي الدخل المتوسط من اخوانه المؤمنين في المنطقة وبذلك يظهر الحال في سائر الحقوق الشرعية. المصدر: الموقع الرسمي لمكتب اية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني: http://www.sistani.org/arabic/)
  • محمد باقر الصدر، اقتصادنا، منشورات مركز الابحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر (قد)، تحقيق لجنة التحقيق للمؤتمر العالمي للامام الشهيد الصدر (قد)،ط1، مطبعة شريعة قم، طهران، ايران، 1424 هـ
  • المصدر نفسه، ص439.
  • كمال حطاب، الاستخدام الامثل للموارد الاقتصادية من منظور اسلامي، مجلة ابحاث البنوك الاسلامية، المجلد 17، العدد2، 1997، ص69.
  • محمد منذر قحف، السياسات المالية ودورها وضوابطها في الاقتصاد الاسلامي، دار الفكر المعاصر، بيروت – لبنان،ط1، 1999، ص105.
  • محمد علي التسخيري، الاقتصاد الاسلامي، مطبوعات الادارة العامة للثقافة الاسلامية، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية- المعاونية الثقافية، ايران ، طهران، 2006: ص 101.
  • طالب حسن فارس الكريطي، الاقتصاد الاسلامي والفقر- تأصيل نظري لمنهج اقتصاد بلا فقر في المذهب الاقتصادي الاسلامي، اطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة الكوفة وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في العلوم الاقتصادية،2012، ص 231.
  • طالب حسن فارس الكريطي، دور الدولة في المذهب الاقتصادي الاسلامي، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة القادسية وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير في العلوم الاقتصادية، 2005، ص162.
  • اية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني، منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني، متاح على: http://www.sistani.org/arabic/book.
  • تشن و ب رافاليون، يوم يزار الدولار، مجلة البنك الدولي الاقتصادية، المجلد 23، 2008، ص12. متاح على: http://www.albankaldawli.org/
  • كوبيناه، ب.ب.، ر. بالك و ر. ثويتس، ديناميات الفقر في البلدان النامية: استعراض مقاربات الحد من الفقر، مجلة التنمية المستدامة، المجلد 6: متاح على: : http://www.albankaldawli.org/.
  • د الطيب لحيلح و أ. محمد جصاص ، الفقر... التعريف ومحاولات القياس، مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية - العدد السا بع جوان، جامعة القسطنطينية ،2010، ص171.
  • المشروع العربي لصحة الأسرة في جامعة الدول العربية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الفقر والحرمان في بعض الدول العربية: دراسة مقارنة في ضوء نتائج مسوحات الصحة العربية (المغرب، الجزائر، تونس، جيبوتي، لبنان، سوريا، اليمن)، 2009، ص
  • محمد عبد الكريم الحوراني، الاستبعاد الاجتماعي والثورات الشعبية: محاولة للفهم في ضوء نموذج معدل لنظرية الحرمان النسبي، المجلة الأردنية للعلوم الاجتماعية: السنة ٥، العدد ٢، ص218.
  • قياس الفقر في البلدان الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي - تعزيز القدرات الإحصائية الوطنية، مركز الأبحاث الإحصائية، الاقتصادية و الاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية (مركز أنقرة)، 2015، ص10.
  • د. محمد محمود العجلوني، الأسباب الإقتصادية لظاهرة الفقر،وطرق معالجتها ورقة عمل (ليست للنشر) مُقدمة إلى الأسبوع العلمي لمدينة الحسن العلمية المنعقد في جامعة الأميرة سمية خلال الفترة 10 – 12 . 5 . 2010، ص3.
  • موقع وزارة التخطيط : http://www.mop.gov.iq/mop/.
  • النتائج العامة لقياس الفقر في العراق 2013، وزارة التخطيط، http://cosit.gov.iq/documents.
  • صندوق النقد العربي ، التقرير االقتصادي العربي الموحد 2013، أبو ظبي : الامارات العربية المتحدة،ص29.
  • د. مهدي محسن العلاق واخرون، الفقر وعلاقته بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية في العراق، وزارة التخطيط العراقية، بغداد، ص 4.
  • المصدر السابق نفسه، ص5.
  • النتائج العامة لقياس الفقر في العراق 2013، مصدر سابق.
  • المصدر السابق نفسه.
  • وزارة التخطيط والتعاون النمائي و الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات، برنامج الامم المتحدة الانمائي، خارطة الحرمان ومستويات المعيشة في العراق، الجزء الثالث، الملف الاحصائي، بغداد ، العراق : 2006.
  • التقرير متاح على الموقع: https://www.un.org/Depts/ptd/sites
  • مقال عن المنهج، رينيه ديكارت, ترجمة محمود محمد الخضيري، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر, 1968.
  • مقابلة مع احد مسؤولي صندوق النقد الدولي، يوم 30 جانفي 2012، متاح على: https://poldev.revues.org
  • د. احمد راسم النفيس، عن المرجعية الدينية للشيعة، مركز الابحاث العقائدية، متاح على: http://www.aqaed.com/mostabser/guestbook
  • "هناك العديد من القوانين والقرارات السابقة ممن فتحت افاقا واسعة لممارسة الفساد" من احدى خطب الجمعة متاح على: http://www.sistani.org/arabic
  • من المؤكد أنّه لولا استشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة ولاسيّما المؤسسة الأمنية، ولولا سوء استخدام السلطة ممن كان بيدهم الأمر لما تمكّن تنظيم داعش الارهابي من السيطرة على قسم كبير من الأراضي العراقية، ولما كانت هناك حاجة الى دعوة المرجعية العليا للعراقيين الى الالتحاق بالقوّات المسلّحة للدفاع عن الأرض والعِرض والمقدّسات .

واليوم إذا لم يتحقق الاصلاح الحقيقي من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الاجتماعية على مختلف الاصعدة فإن من المتوقع أن تسوء الاوضاع ازيد من ذي قبل، وربما تنجرّ الى ما لا يتمناه أي عراقي محبّ لوطنه من التقسيم ونحوه لا سمح الله . وهنا تكمن الأهميّة القصوى للدعوة إلى الاسراع في الاصلاح التي أكّدت عليها المرجعية الدينية العليا . 20/8/2015 اجابة عن سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية (هل يعتبر سماحة السيد ان الدعوة إلى مكافحة الفساد واصلاح مؤسسات الدولة ، توازي بأهميتها نداءه إلى الشعب العراقي في حزيران / يونيو 2014 لقتال تنظيم داعش ؟) و (لمرجع السيستاني للحكومة:التهاون مع الفاسدين والفاشلين على حساب دماء وارواح المواطنين أمر لا يطاق ولا بد من حل) بتاريخ 8/7/2016 متاح على: http://www.sistani.org/arabic

  • "هناك حاجة الى تشريع قوانين واصدار قرارات لا يتم الاصلاح دونها، ومن اهمها القانون الخاص بسلم رواتب موظفي الدولة"، داعيا الى "مراعاة العدالة الاجتماعية في سلم رواتب الموظفين". من خطبة جمعة كربلاء متاحة على: https://alkafeel.net
  • http://www.rudaw.net/arabic/middleeast/iraq

 

[1] . ابراهيم البيومي واخرون، بناء المفاهيم دراسة معرفية ونماذج تطبيقية، المعهد العالمي للفكر الاسلامي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع،ج1،ط1، 2008،ص31.

 

[2] . وهذا ما نجده واضحا في اجابة سماحة السيد علي الحسيني السيستاني على بعض الاستفتاءات (السؤال: ما هو الفرق بين الفقير والمسكين في موارد استحقاق دفع الكفارات والوجوهات الشرعية الاخرى؟ الجواب: المراد بالفقير من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله لنفسه وعائلته، لا بالفعل ولا بالقوة، فلا يجوز اعطاء الزكاة لمن يجد من المال ما يفي ـ ولو بالتجارة و الاستنماء ـ بمصرفه ....  السؤال: يتوسط بعض طلاب الحوزة العلمية من سكنة المحافظات او غيرهم في ايصال بعض الحقوق الشرعية الى بيت المرجعية فيعطى لهم أحيانا جزء منها - بنسبة الثلث أو أقل أو أزيد وقد أشكل فهم ذلك على الأشخاص فيسألون هل أن ذلك على وجه الهبة أو التمليك أم ماذا ؟ لجواب: ليس على وجه الهبة والتمليك بل مجرد الاذن بصرفه في موارده المقررة شرعا على وفق الضوابط المذكورة لذاك في الرسالة الفتوائية، فلو اعطي مقدارا من حقوق الفقراء – كمجهول المالك وردّ المظالم- ولم يكن هو فقيرا شرعا - ولو لكونه قادرا على العمل وتوفير نفقته لولا كونه مشتغلا بطلب العلم من دون أن يكون واجبا عليه عينا- لم يجز له أن يتناول شيئا منه بل عليه صرفه على غيره من المستحقين، ولو أعطي من سهم الإمام (ع) وكان ممن يصرف اوقاته في تحصيل العلوم الدينية ويهيأ نفسه للقيام بترويج الشرع المقدس ونشر أحكامه ومعارفه ونحو ذلك  من الخدمات الدينية العامة جاز له ان يتناول منه على حد ما سيأتي بيانه بالنسبة الى أصحاب الاجازات. .....  السؤال: تنص اجازتكم في الحقوق الشرعية على أن للمجاز (الوكيل) صرف الثلث –مثلا- مما يتسلمه من سهم الإمام (ع) أو غيره من الحقوق الشرعية في مواردها المقررة شرعا، ومعنى ذلك - فيما نفهم- أن هذا المقدار ليس مخصصا للمجاز نفسه بصفته حاملا للإجازة، بل عليه ان يراعي في صرفه الضوابط الشرعية لذلك، وبناء على هذا فما هي حدود ما يسمح للمجاز ان يصرفه على نفسه مما يقبضه من الحقوق الشرعية ؟ الجواب: اذا كان الحق المقبوض من قبيل سهم السادة وردّ المظالم ومجهول المالك والكفارات ونحوها من حقوق الفقراء وكان المجاز فقيرا - بالمعنى الشرعي للفقر- واجتمعت فيه سائر شروط استحقاق ذلك الحق جاز له أن يأخذ منه بمقدار مؤونته اللائقة بشأنه لا أزيد، وان كان الحق المقبوض من قبيل سهم الإمام (ع) وكان المجاز ممن يصرف اوقاته في القيام بخدمة دينية عامة كتعليم الجاهلين وارشاد الضالين ونصح المؤمنين ووعظهم ونحو ذلك جاز له ان يتناول منه بمقدار ما يحتاج اليه في مؤنته مع مراعاة الاقتصاد وعدم التجاوز عن المستوى المعيشي لذوي الدخل المتوسط من اخوانه المؤمنين في المنطقة وبذلك يظهر الحال في سائر الحقوق الشرعية. المصدر: الموقع الرسمي لمكتب اية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني: http://www.sistani.org/arabic/)

 

[3] . محمد باقر الصدر، اقتصادنا، منشورات مركز الابحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر (قد)، تحقيق لجنة التحقيق للمؤتمر العالمي للامام الشهيد الصدر (قد)،ط1، مطبعة شريعة قم، طهران، ايران، 1424 هـ

 

[4] . المصدر نفسه، ص439.

 

[5] . كمال حطاب، الاستخدام الامثل للموارد الاقتصادية من منظور اسلامي، مجلة ابحاث البنوك الاسلامية، المجلد 17، العدد2، 1997، ص69.

 

[6] . محمد منذر قحف، السياسات المالية ودورها وضوابطها في الاقتصاد الاسلامي، دار الفكر المعاصر، بيروت – لبنان،ط1، 1999، ص105.

 

[7] . محمد علي التسخيري، الاقتصاد الاسلامي، مطبوعات الادارة العامة للثقافة الاسلامية، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية- المعاونية الثقافية، ايران ، طهران، 2006: ص 101.

 

[8] . طالب حسن فارس الكريطي، الاقتصاد الاسلامي والفقر- تأصيل نظري لمنهج اقتصاد بلا فقر في المذهب الاقتصادي الاسلامي، اطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة الكوفة وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في العلوم الاقتصادية،2012، ص 231.

 

[9] . طالب حسن فارس الكريطي، دور الدولة في المذهب الاقتصادي الاسلامي، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة القادسية وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير في العلوم الاقتصادي، 2005، ص162.

 

[10] . اية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني، منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني، متاح على: http://www.sistani.org/arabic/book.

 

[11] . تشن و ب رافاليون، يوم يزار الدولار، مجلة البنك الدولي الاقتصادية، المجلد 23، 2008، ص12. متاح على: http://www.albankaldawli.org/

 

[12] . كوبيناه، ب.ب.، ر. بالك و ر. ثويتس، ديناميات الفقر في البلدان النامية: استعراض مقاربات الحد من الفقر، مجلة التنمية المستدامة، المجلد 6: متاح على: : http://www.albankaldawli.org/.

 

[13] . د الطيب لحيلح و أ. محمد جصاص ، الفقر... التعريف ومحاولات القياس، مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية - العدد السا بع جوان، جامعة القسطنطينية ،2010، ص171.

 

[14] . المشروع العربي لصحة الأسرة في جامعة الدول العربية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الفقر والحرمان في بعض الدول العربية: دراسة مقارنة في ضوء نتائج مسوحات الصحة العربية (المغرب، الجزائر، تونس، جيبوتي، لبنان، سوريا، اليمن)، 2009، ص 3.

 

[15] . محمد عبد الكريم الحوراني، الاستبعاد الاجتماعي والثورات الشعبية: محاولة للفهم في ضوء نموذج معدل لنظرية الحرمان النسبي، المجلة الأردنية للعلوم الاجتماعية: السنة ٥، العدد ٢، ص218.

 

[16] . قياس الفقر في البلدان الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي - تعزيز القدرات الإحصائية الوطنية، مركز الأبحاث الإحصائية، الاقتصادية و الاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية (مركز أنقرة)، 2015، ص10.

 

[17] . د. محمد محمود العجلوني، الأسباب الإقتصادية لظاهرة الفقر،وطرق معالجتها ورقة عمل (ليست للنشر) مُقدمة إلى الأسبوع العلمي لمدينة الحسن العلمية المنعقد في جامعة الأميرة سمية خلال الفترة 10 – 12 . 5 . 2010، ص3.

 

[18] . موقع وزارة التخطيط : http://www.mop.gov.iq/mop/.

 

[19] . النتائج العامة لقياس الفقر في العراق 2013، وزارة التخطيط، http://cosit.gov.iq/documents.

 

[20] . صندوق النقد العربي ، التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2013، أبو ظبي : الامارات العربية المتحدة،ص29.

 

[21] . د. مهدي محسن العلاق واخرون، الفقر وعلاقته بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية في العراق، وزارة التخطيط العراقية، بغداد، ص 4.

 

[22] . المصدر السابق نفسه، ص5.

 

[23] . النتائج العامة لقياس الفقر في العراق 2013، مصدر سابق.

 

[24] . المصدر السابق نفسه.

 

[25] . وزارة التخطيط والتعاون االنمائي و الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات، برنامج الامم المتحدة الانمائي، خارطة الحرمان ومستويات المعيشة في العراق، الجزء الثالث، الملف الاحصائي، بغداد ، العراق : 2006م

 

[26] . التقرير متاح على الموقع: https://www.un.org/Depts/ptd/sites

 

[27] . مقال عن المنهج، رينيه ديكارت, ترجمة محمود محمد الخضيري، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر, 1968.

 

[28] . مقابلة مع احد مسؤولي صندوق النقد الدولي، يوم 30 جانفي 2012، متاح على: https://poldev.revues.org

 

[29] . د. احمد راسم النفيس، عن المرجعية الدينية للشيعة، مركز الابحاث العقائدية، متاح على: http://www.aqaed.com/mostabser/guestbook

 

[30] . "هناك العديد من القوانين والقرارات السابقة ممن فتحت افاقا واسعة لممارسة الفساد" من احدى خطب الجمعة  متاح على: http://www.sistani.org/arabic

 

[31] . من المؤكد أنّه لولا استشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة ولاسيّما المؤسسة الأمنية، ولولا سوء استعمال السلطة ممن كان بيدهم الأمر لما تمكّن تنظيم داعش الارهابي من السيطرة على قسم كبير من الأراضي العراقية، ولما كانت هناك حاجة الى دعوة المرجعية العليا للعراقيين الى الالتحاق بالقوّات المسلّحة للدفاع عن الأرض والعِرض والمقدّسات .

واليوم إذا لم يتحقق الاصلاح الحقيقي من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الاجتماعية على مختلف الاصعدة فإن من المتوقع أن تسوء الاوضاع ازيد من ذي قبل، وربما تنجرّ الى ما لا يتمناه أي عراقي محبّ لوطنه من التقسيم ونحوه لا سمح الله . وهنا تكمن الأهميّة القصوى للدعوة إلى الاسراع في الاصلاح التي أكّدته المرجعية الدينية العليا . 20/8/2015 اجابة عن سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية (هل يُعَدُّ سماحة السيد ان الدعوة إلى مكافحة الفساد واصلاح مؤسسات الدولة ، توازي بأهميتها نداءه إلى الشعب العراقي في حزيران / يونيو 2014 لقتال تنظيم داعش ؟) و (لمرجع السيستاني للحكومة:التهاون مع الفاسدين والفاشلين على حساب دماء وارواح المواطنين أمر لا يطاق ولا بد من حل) بتاريخ 8/7/2016 متاح على: http://www.sistani.org/arabic

 

[32] . "هناك حاجة الى تشريع قوانين واصدار قرارات لا يتم الاصلاح من دونها، ومن اهمها القانون الخاص بسلم رواتب موظفي الدولة"، داعيا الى "مراعاة العدالة الاجتماعية في سلم رواتب الموظفين". من خطبة جمعة كربلاء متاحة على: https://alkafeel.net

 

[33] . http://www.rudaw.net/arabic/middleeast/iraq