دور القضاء في تعزيز البناء الديمقراطي في العراق

م. سجى فالح حسين

جامعة ميسان / كلية القانون

الملخص :

تعد الديمقراطية وسيلة لحماية حقوق الافراد وحرياتهم الا ان بلوغ تلك الغاية لا يتحقق الا بوجود قضاء مستقل ، له دور في تفعيل النصوص الدستورية والقانونية التي تتناول تلك الحقوق والحريات ، فضلاً عن العمل على تحقيق الفصل بين السلطات مع وجود تعاون ورقابة متبادلة بينهم ،  و السلطة القضائية   بصفتها احدى هذه السلطات في الدولة تتولى القضاء الذي يمثل ولاية عامة يناط بها احقاق الحق وحماية حقوق الافراد وحرياتهم ، وبذلك يعد القضاء احدى المقومات الاساسية التي تحقق من خلالها الديمقراطية اهدافها ، الا ان من المعوقات التي تخل بعمل القضاء هي تأخر تشريع القوانين المهمة والمنظمة لعمل المؤسسات القضائية ذات الاهمية البالغة كقانون المحكمة الاتحادية  العليا فضلاً عن قدم التشريعات المنظمة للمؤسسات القضائية والتي سنت في ظل النظام الديكتاتوري واصبحت لا تلائم التطور الديمقراطي الذي شهده العراق .

وقد توزعت الدراسة في هذا البحث الى مبحثين تناولت في المبحث الاول علاقة القضاء بدولة القانون اما المبحث الثاني تناولت فيه  دور الهيئات القضائية في تعزيز التحول الديمقراطي بعد عام 2003.

Abstract:

            Democracy is a tool by which individuals' rights and liberties are protected. However, the achievement of such protection cannot be realized unless there is an independent judiciary having a role in putting into effect the legal and constitutional provisions that are concerned with the said liberties and rights, in addition to working on separating authorities, along with a cooperation and censorship mutually practiced among these authorities.

              Being one of these authorities, the judiciary is charged with justice in the state as a representative of the public power under which the making of justice and protection of individuals' rights and liberties are achieved.

            Therefore, judiciary stands as a fundamental column through which democracy can achieve thereof goals. Nevertheless, there are a few obstructions that stand in the way of that achievement, including the lateness of resolution making especially those crucial and controlling of judicial directorates highly relevant such as the law of supreme judicial court, as well as the outdated resolutions, acts, and laws managing judicial circles most of which issued under the former (pre-2003) regime having been unable to cope with democratic development in Iraq.

             The present study falls into two subchapters; the first subchapter treats the relationship of judiciary with the sovereign state, while the second subchapter discusses the role of judicial authorities in enhancing democratization in Iraq from 2003 onward.   

المقدمة :

تحتل الديمقراطية مكانة مهمة لدى الشعوب اذ انها تمثل الاساس الذي يكفل للأفراد حقوقهم وحرياتهم ، الا ان هذه الغاية لا تتحقق الا بوجود قضاء مستقل وفاعل ، اذ ان وجود النصوص الدستورية الخاصة بحقوق وحريات الانسان لا تعد كافية الا اذا وجدت اليات تضمن تطبيق هذه النصوص فضلاً عن حماية حقوق وحريات الافراد من اية انتهاكات ،  وهنا يبرز دور القضاء من خلال ايقاف الانتهاكات ومعاقبة المتجاوزين على حقوق الافراد وحرياتهم ،  كما ان الديمقراطية تحتاج الى وعي كامل من الشعوب وسلطات الدولة فكما تحاول السلطة القضائية حماية حقوق الافراد وارساء دولة القانون لابد ان يتم احترام هذه الحقوق والقوانين من قبل السلطات الاخرى (الشريعية والتنفيذية ) لان السلطة القضائية لا تعمل بمعزل عن السلطات الاخرى  اذ انها تعمل على تحقيق التوازن والتعاون بين السلطات فضلاً عن تنظيم العلاقة بين الحكام والمحكومين ، وبالمحصلة  ان ضمان التطبيق الفاعل للديمقراطية يحتاج الى  ان تكون كافة السلطات في الدولة متعاونة في حمايتها وتطبيقها التطبيق السليم .

اهمية البحث :

تبرز اهمية البحث من خلال بيان العلاقة بين الديمقراطية والقضاء فكلما كان القضاء  اكثر استقلالاً كلما تحققت الديمقراطية بشكل اوسع ، ونتيجة تطور التنظيم القانوني للقضاء بعد 2003 وتحوله من مرفق من مرافق الدولة الى سلطة مستقلة قائمة بذاتها ازدادت الامال بتحقيق الديمقراطية الا ان الخلل الذي شاب تنظيم هذه السلطة ادى الى تعثر تحقيق الديمقراطية بالطريقة المرجوة.

اشكالية البحث :

تتمثل مشكلة البحث بقصور التشريعات المنظمة لعمل السلطة القضائية فضلاً عن عدم اصدار العديد من القوانين منها قانون المحكمة الاتحادية العليا  فضلاً عن معوقات استقلال القضاء في العراق كل هذا يؤدي الى قصور دور القضاء في حماية وتحقيق الديمقراطية  .

ويثور التساؤل هنا هل ان القضاء في العراق مستقل ؟ والسؤال الاخر هل ان القضاء قادر على تحقيق البناء الديمقراطي ؟.

منهجية البحث :

اتبعت في هذا البحث المنهج التحليلي مع التركيز على دور ووضع الديمقراطية في الدستور العراقي مع الاشارة في بعض المواطن الى دساتير الدول الاخرى .

المبحث الأول : ماهية القضاء ودولة القانون

لغرض الاحاطة بمعنى القضاء ودولة القانون لابد من بيان مفهوم كل منهما لذلك سنقسم هذا المبحث الى المطالب الاتية :

المطلب الأول : مفهوم القضاء ودولة القانون :

للقضاء في اللغة معانٍ كثيرة، ومنها أنّ القضاء هو إحكام الشيء وإمضائه ([1])، لقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ﴾ ([2])، أي اقضوا لما في أنفسكم، والقضاء يعني الحكم وجمعه أقضية، وقضى عليه يقضي قضاءً فهو قاضٍ، اذا فصل وحكم وأمر بذلك، وقضى القاضي بين الخصوم، بمعنى قطع بينهم في الحكم ورجل قضي سريع القضاء، كما يعني القضاء القتل فنقول قضي عليه أي قتل([3]).

كما ورد لفظ القضاء ومشتقاته في القرآن الكريم في عدة مواضع، وبمعانٍ كثيرة منها قوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾([4]) ,هو إحكام الشيء وإمضائه([5]) .

اما القضاء اصطلاحاً فيقصد به فصل الخصومات وقطع المنازعات بشكل مخصوص، أي بمقتضى القانون ،سواء أكانت بين الأفراد فيما بينهم أم مع الهيئات الأخرى، بمعنى آخر إنّه قول ملزم صادر عن ولاية عامة([6]) .

وعرف أيضاً بأنّه إلزام ذي الولاية بعد الترافع، وعرف بأنه الإكراه بحكم في الشرع في الوقائع الخاصة لمعين أوجهة، والمراد بالجهة كالحاكم لبيت المال أو عليه ،وهذا التعريف يوضح النظام الذي استعارة فقهاء القانون العام من نظم القانون الخاص، وهو الشخصية المعنوية، إذ جعلوا من الدولة شخصا ًمعنوياً تستقر فيه ملكية مال الدولة([7]).

اما دولة القانون فيقصد بها الدولة التي تقوم على اساس تنظيم العلاقة بين الحكام والمحكومين ، من خلال إيجاد علاقة متوازنة بين الطرفين ، فالحاكم يرغب بتغليب ضرورات ممارسة السلطة. والمحكومين يرغبون بتغليب ضمانات الحقوق والحريات العامة ، ولكن ضرورات ممارسة السلطة تتجلى من خلال التقييد الوارد سياسياً وقانونياً على الحقوق والحريات العامة ، في حين أن ضمانات الحقوق والحريات العامة تتجلى من خلال التقييد القانوني والسياسي للسلطة ، لذلك ، فان دولة القانون بمفهومها الواسع  تعني أن جميع الاشخاص في الدولة الطبيعية منها والاعتبارية، الخاصة والعامة ، الافراد والهيئات ملزمة بالامتثال لأحكام القانون([8])، ولدولة القانون مقومات لابد من توافرها لضمان التحقيق السليم والفاعل لها وتتمثل هذه المقومات بالاتي:


اولاً: وجود الدستور :

يعرف الدستور بانه " مجموعة القواعد المتعلقة ببيان مصدر السلطة وتنظيم ممارستها وانتقالها والعلاقة بين القابضين عليها  فضلاً عن بيان حقوق وحريات الافراد وطريقة ممارستها وحمايتها "([9]).

والدساتير انواع :ـ

اولاً: الدساتير المدونة : وهي الدساتير التي  كتبت مبادئها وأحكامها في وثيقة رسمية بمعرفة لجنة متخصصة .

ثانياً : الدساتير العرفية : وهي الدساتير التي تتكون قواعدها نتيجة العادة والتكرار في الشؤون التي تتعلق بنظام الحكم والعلاقة بين السلطات ، اذ تقوم على العادة والسوابق التاريخية التي اكتسبت مع الزمن القوة ، والدساتير العرفية اسبق ظهوراً من الدساتير المكتوبة([10]) .

        وبزيادة حركة التدوين تقلصت الدساتير العرفية الا في حالات نادرة ومنها الدستور البريطاني وهذا لا يمنع من وجود وثائق مكتوبة بجواره منها العهد الاعظم الصادر 1215 وعريضة الحقوق عام 1628واعلان الحقوق الصادر 1688، ويرى البعض ان الدساتير العرفية افضل من الدساتير المكتوبة كونها تتسم بالمرونة وعدم التعقيد مما يؤدي الى مواكبتها لتطور المجتمع([11]).

ولا يؤثر في إقامة نظام دولة القانون أن يكون الدستور عرفيا او مكتوبا ، اذ المهم هو وجود تلك القواعد الدستورية التي تقيم الكيان القانوني للهيئات الحاكمة وترسم لها قواعد ممارستها للسلطة وتلزمها بأن يدور نشاطها في إطار قانوني محدد ليس لها ان تخرج عليه ، فأذا خالفت الدستور فقدت الصفة الشرعية لها  وبناءً عليه يتعذر تصور وجود دولة القانون بدون وجود الدستور. ومن هنا كان وجوده اساساً في إقامة دولة القانون([12])  .

ثانياً : تدرج القواعد القانونية :

يقصد بتدرج القواعد القانونية ان القواعد القانونية تأخذ البناء الهرمي وتخضع القاعدة الادنى للقاعدة الاعلى اذ توجد في قمة الهرم القاعدة الدستورية وبالتالي لا تستطيع أي من القواعد القانونية مخالفتها والا تعرضت للبطلان([13]).

ويترتب على مبدأ تدرج القواعد القانونية ، وجوب خضوع القاعدة الأدنى للقاعدة الأعلى درجة، من حيث الشكل والموضوع أي ان يتفق مضمون القاعدة الادنى مع مضمون القاعدة الاعلى ([14])،

وتبرز اهمية هذا المبدأ بأنها تعمل على طمئنة المواطن بأن جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في صلب الوثيقة الدستورية لا يجوز انتهاكها او الانتقاص منها بموجب القوانين او الانظمة([15]) .

ثالثاً : مبدأ سمو الدستور :

الدستور هو القانون الاسمى في الدولة ويتمتع بالسمو الشكلي والموضوعي ، ويتحقق السمو الشكلي للدستور عندما تنص بعض الدساتير على اصول معينة عند وضعها وتعديلها ولا يتحقق السمو الشكلي الا في الدساتير الجامدة ، اذ ان الدول ذات الدساتير المرنة لا ينشئ فيها تمييز بين القوانين الدستورية والقوانين العادية من حيث التعديل ([16])، اي انها تعدل وتلغى بنفس طريقة تعديل والغاء القانون العادي ، حيث تكون السلطة التشريعية هي السلطة المختصة بالتعديل والالغاء وفقاً لاحكام الدستور ، ومن البديهي ان الدساتير العرفية هي دساتير مرنة مثال ذلك الدستور البريطاني ، لكن ذلك لا يمنع من ان تكون الدساتير المكتوبة دساتير مرنة ايضاً ومثال ذلك الدستور الايطالي لعام 1848.

اما الدساتير الجامدة ، فهي الدساتير التي تعدل وتلغى بأجراءات خاصة تختلف عن القوانين العادية ، اي انها تحتاج الى اتباع اجراءات معقدة مثال ذلك القانون الاساسي العراقي لعام 1925 والدستور العراقي لعام 2005([17])

اما السمو الموضوعي للدستور فيرتكز في الاساس على ان الدستور هو مصدر كل نشاط قانوني في الدولة فالدستور هو القاعدة الاساسية التي تتفرع عنها القواعد الفرعية وهو الذي ينشئ الصلاحيات لذلك يكون اسمى السلطات ويتمثل السمو الموضوعي للدستور من ناحيتين:

الأولى : ان الدستور هو الذي يؤسس فكرة القانون السائدة في الدولة ويحدد الفلسفة السياسية والاجتماعية للنظام . وهذا يعني ان الدستور بما له من سمو يعد الإطار القانوني لأوجه النشاط القانوني كافة في الدولة . وعليه يعد كل اجراء أو نشاط يخالف أهدافه وأحكامه باطلا([18]).

والثانية : ان الدستور هو السند الشرعي لوجود الهيئات الحاكمة في الدولة وهو الذي يحدد اختصاصات كل منها ، وهو عندما يمنحها هذه الاختصاصات فانه يمنحها إياها لا باعتبارها حقاً لها وانما باعتبارها وظائف يجب أن تمارس باسم الدولة وما دام الدستور هو الذي ينشئ هذه الهيئات وهو الذي يحدد اختصاصاتها وصور نشاطها فان ذلك يؤدي إلى وجوب خضوع هذه الهيئات فيما تمارسه من اختصاصات لأحكام الدستور والحاكم أو الهيئة الذي لا يخضع لأحكام الدستور يهدم السند القانوني لوجوده وأساس شرعية تصرفاته([19]).

ويؤدي السمو الموضوعي إلى نتيجتين هما:ـ

أ .يؤدي السمو الموضوعي إلى عدم جواز تفويض الاختصاصات ، فطالما أن الدستور هو الذي يحدد اختصاصات السلطة ، فيتعين على كل سلطة أن تمارس بنفسها الاختصاصات التي خولها الدستور لها ، ولا يجوز لها أن تفوض غيرها للقيام بها بدلا منها ، إلا إذا أجاز ذلك الدستور نفسه، ونظم مثل هذا التفويض ، إذ لا يمكن لأحد أن يفوض لغيره سلطة لا يستطيع هو التصرف بها([20]).

ب. مبدأ السمو الموضوعي يؤكد مبدأ المشروعية ويوسع من نطاقها فلا تكون مقصورة على معناها الضيق ، أي لا تكون مقصورة على مجرد ضرورة احترام القوانين الصادرة من السلطة التشريعية وعدم إمكان مخالفتها والخروج عليها سواء بواسطة الافراد أم بواسطة الجهات الإدارية المختلفة ، بل سيمتد نطاق المشروعية ليشمل إلى جانب القوانين الصادرة من السلطة التشريعية – القواعد الدستورية([21])

رابعاً: المشروعية : يقصد بمبدأ المشروعية خضوع الحكام والمحكومين للقانون ، أي خضوع جميع السلطات في الدولة لحكم القانون سواء اكانت السلطة التشريعية او التنفيذية او القضائية ومن الجدير بالاشارة اليه ان مبدأ الشرعية يختلف عن مبدأ المشروعية فالمشروعية يقصد بها مطابقة اعمال الادارة (السلطة التنفيذية )لاحكام القانون([22])، اي ان المشروعية تقتضي وجوب احترام تدرج القواعد القانونية .

        اما الشرعية فيقصد بها السلطة او الحكومة التي تستند في وجودها الى القواعد المحددة في الدستور([23]) .

وفي ذات السياق المتقدم فأن الدستور يعد وسيلة توازن سياسي اذ ان السلطة لا تعود الى قابض واحد بل يتعدد القابضون ، وبذلك يقوم الدستور بتنظيم المساهمة المشتركة للسلطة حيث يخلق التوازن السياسي ، الا ان هذه الحقيقية لا يتم ادراكها من الجميع اذ ان اغلب الكتاب ينظرون الى ان تقيد الحكام بالقانون راجع الى طبيعة الدستور بأعتباره اعلى القواعد القانونية الا ان الواقع كما يعبر عنه جورج سل ان قواعد القانون الدستوري هي قواعد توزان سياسي اكثر من كونها اساساً للمشروعية ، وبذلك فأن الدستور هو الذي يحدد مقدار اسهام الحكام في         السلطة ([24]).

فضلاً عن ذلك فأن الدستور يمثل منهاج عمل سياسي اي منهاجاً لسياسة مستقبلية ينوي الحكام تحقيقها عن طريق ممارستهم للسلطة ، اذ ان الدستور سيبين هدف ممارسة الحكام      للسلطة ، وبذلك يكون الدستور منهاجاً لممارسة السلطة ، واحياناً لا يتطابق واقع ممارسة السلطة مع ما هو محدد في الدستور وهذا ماهو الحال عليه في الدول ذات الانظمة الديكتاتورية ، حيث تتضمن نصوصاً دستورية  بعيدة كل البعد عن طريقة ممارسة السلطة فيها([25]) .

المطلب الثاني : ضمانات احترام دولة القانون  :

لضمان احترام دولة القانون لابد من وجود بعض الضمانات التي تحقق ذلك ولذلك سنقسم هذا المطلب الى فرعين سنتناول في الفرع الاول مبدأ استقلال القضاء ونتناول في الفرع الثاني الفصل بين السلطات

الفرع الاول : مبدأ استقلال القضاء :

 انّ الجهاز القضائي المتكون من المحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها، يمثل إحدى السلطات الدستورية العامة في الدولة الحديثة، التي تأخذ بالنظام الديمقراطي، إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية ،وتوكل إليها وظيفة حل النزاعات القانونية، الناجمة عن تطبيق القوانين وصولاً إلى إحقاق الحق، وقد كانت السلطة القضائية من الأشكال الأولى للدولة المنظمة حتى عصرنا الحالي، وتحتل مكانة رفيعة بين السلطات الأخرى بل أكثر من ذلك إذ شهدت الولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين رجحان كفة هذه السلطة من الناحية العملية على السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلى الحد الذي دفع الفقهاء إلى إطلاق مصطلح (حكومة القضاة) ([26]) .

فالسلطة القضائية ([27]) ، قائمة بشكل رئيسي على مبدأ استقلال القضاء، ولذلك فقد اقرته معظم دساتير الدول لتحقيق الغاية الأساسية منه في تأمين حرية القاضي في ممارسة المهنة وتوفير الضمانة للمواطنين في أنّ القضاة سيصدرون الأحكام وفقاً للقانون، بوحي من عقولهم وضمائرهم ومن دون تدخلات ضاغطة على أحكامهم([28]).

فمهمة القضاء الأساسية تكمن في تحقيق العدل في المجتمع، وتفسير القوانين وتطبيقها على الحالات التي تعرض أمامه ([29]) ،كما يمثل استقلال القضاء الضمان الفعال لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم([30])، إذ أنّ القضاء يمثل الميزان الذي يحقق العدل([31]) ،والحصن الذي يلوذ به الأفراد للدفاع عن أنفسهم، عندما يتم انتهاك حقوقهم من قبل السلطات الأخرى،وهذا الانتصاف للحقوق بحاجة إلى سلطة قضائية مستقلة قوية تردع المعتدي ([32])، وذلك لتأكيد سيادة القانون وحمايته، لغرض إقامة مجتمع يواجه خطر الإرهاب ([33])، ولذلك يمكن القول: إنّ هيبة الدولة وقوتها من هيبة قضائها، الذي لايمكن أنّ يؤدي دوره إلا اذا كان مستقلاً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية([34]) .

ويكاد لا يخلو أي دستور من دساتير العالم في الوقت الحاضر من إيراد النصوص التي تؤكد على مبدأ استقلال القضاء بل أنّ بعض الدساتير كالدستور الفرنسي لعام 1958 تنص صراحة على ضمان استقلال القضاء([35]).

و حتى في الدول ذات الدساتير غير المكتوبة ظهر التأكيد فيها على مبدأ استقلال القضاء ،اذا إنّ الصفة الجوهرية لحكم القانون هو إنّ القاضي يتخذ القرار بعيداً عن أي ضغوط في اتخاذه، وذلك لوجود الحصانة القضائية للقضاة، فضلاً عن القيود الدستورية التي تقلل الانتقاد الشعبي للقضاة، وان عملية تعيين القضاة التي تكون على اسس موضوعية المنصب وامنه، كلها تعد عناصر اساسية للاستقلال القضائي في المملكة المتحدة([36]) .

  وقد انتقل مفهوم استقلال القضاء ومنذ فترة قصيرة إلى محور الاهتمام العالمي، إذ لم يعد مسألة تخص دساتير الدول فحسب، بل أصبح بصورة متزايدة معياراً دولياً، فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام(1948) في المادة (10) منه على أنْ ( لكل إنسان الحق بكامل المساواة في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ومحايدة عند تقرير حقوقه وواجباته وأي اتهام جنائي يوجه ضده ) .

فضلاً عن ذلك فقد أكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 في المادة (14) منه على ضرورة استقلال القضاء في أداء عمله إذ نصت على أنْ (الناس جميعاً سواء أمام القضاء ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية أنّ تكون قضيته نظر منصف وعلني من محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لأسباب هامة مثل الآداب العامة وغيرها).

كذلك أكدت  عليه مبادئ بانجالور للسلوك القضائي لعام 2002 ([37]).

هذا وان لاستقلال القضاء مفهومين أساسيين مفهوم شخصي يقصد به عدم خضوعه لغير سلطان الحق والعدل، و بما يدل عليه من كفاءة القاضي ونزاهته واجتهاده في الحكم، مع ضمان العمل والتطبيق، من دون تدخل أي سلطة في مسيرة التنفيذ ([38])، وأن يؤدي واجبه في تطبيق القانون الذي يقتضي منه أنّ يكون عارفاً بإرادة المشرع، غير متأثر بفكرة معينة، وغير خاضع لأي تدخل ([39])، ولهذا ينبغي النظر إلى استقلال القضاء في اي دولة ما بالنظر إلى مدى عدم خضوع القضاء لأية  سلطة أخرى في شؤونه المالية والإدارية والتأديبية([40]).

ويجب إنّ يتمتع القضاة بضمانات وظيفية، تضمن لهم الاستقلال على أكمل وجه وأهمها: عدم جواز عزل القضاة أو إحالتهم إلى التقاعد رغماً عنهم، ووجوب مراعاة ماورد في القانون بهذا الخصوص، وهذا ليس إرضاءً لرغبات القضاة الشخصية، وإنما لتمكينهم للقضاء وفقاً للقانون، إذ لايكون هنالك معنى لاستقلال القضاء ، إذا لم يتوافر التكوين المهني الذي يخلق لدى القضاة الوعي القضائي لتدعيم هذا الاستقلال، والاستفادة منه وتوجيهه أفضل توجيه([41]) .

 فضلاً عن ذلك أنّ تخوف القاضي على منصبه الوظيفي، يكون مدعاةً إلى ميله عن جادة الصواب([42]) .

ولذلك يجب منع كافة التدخلات المباشرة وغير المباشرة في أعمال القضاة، كاللجوء إلى الصحف والفضائيات للتأثير على القاضي، لإصدار القرار أو الحكم في الدعوى على نحو معين([43]) .

ولذلك كله فقد حرص دستور جمهورية العراق لعام 2005 في المادة (89) منه والتي نصها: (القضاة مستقلون لاسلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة ) .

        ومن الجدير بالاشارة اليه ان دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وبالرغم من انه نص على استقلال السلطة القضائية الا انه قد ضيّق من هذه الاستقلالية في المادة 61/خامسا/أ عندما احال  تعيين رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية , ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب بناء على اقتراح من مجلس القضاء الأعلى .

وعليه نرى  انه إذا ما أريد للسلطة القضائية أن تكون مستقلة وتخرج من دائرة الصراعات السياسية من الضروري إلغاء هذا البند وعدم إقحام القضاء في السياسة . 

اما المفهوم الموضوعي لاستقلال القضاء فيقصد بالمفهوم الموضوعي لاستقلال القضاء عدّ القضاء سلطة لها كيان مستقل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعدم السماح لأي جهة بإعطاء أوامر أو تعليمات لها، كما ويعني عدم المساس بالاختصاص الأصلي للقضاء وهوالفصل بالمنازعات، وتحويل الاختصاص لجهات أخرى كالمحاكم الاستثنائية أوالمجالس التشريعية أو إعطاء صلاحيات القضاء إلى الاجهزة التنفيذية ، ووجوب عدّ القضاء سلطة وليس وظيفة ، إذ أنّ المشرع العراقي في ظل النظام السياسي السابق، جعل من القضاء وظيفة وكرس هذا التوجه في قانون إصلاح النظام القانوني رقم 35 لسنة 1977بالقول بأن : (لا توجد في الدولة الاسلطة سياسية  واحده في المجتمع تقوم بوضع السياسة العامة، أو الإطار العام للمجتمع، من خلال التشريع ثم وظيفة إدارية ووظيفة قضائية).

 ومن خلال النظر إلى هذا النص، يتضح لنا بأنة لا وجود لسلطات متعددة في الدولة وبذلك كانت شؤون القضاة تدار من قبل وزير العدل ،الذي هو جزء من السلطة التنفيذية والذي ينفذ سياستها بما تنطوي عليه من خرق للقانون في كثير من الأحيان، واعتداء على حقوق الإنسان وحرياته([44]).

ولا يمكن أنّ يقوم استقلال القضاء، إلا في نظام ديمقراطي يؤمن بسيادة القانون، وتحترم  فيه حقوق المواطنين وحرياتهم ([45]) ، فأستقلال القضاء ضمانة جوهرية لاحترام الحقوق والحريات السياسية، ولا يمكن أنّ يتمتع أفراد المجتمع تمتعاً حقيقاً بتلك الحقوق والحريات، في ظل غياب سلطة قضائية مستقلة، حتى ولو كانت منصوص عليها في الدستور والقوانين([46]).

الا ان استقلال السلطة القضائية عن السلطات الأخرى استقلالاً تاماً أمر مستحيل عملاً([47]). فالسلطة القضائية لاتستطيع ان تمارس اعمالها مالم تكن هنالك تشريعات تنظم عملها تصدر من خلال السلطة التشريعية ، كما انها لاتستطيع تنفيذ قراراتها واحكامها الا من خلال اجهزة السلطة التنفيذية وبذلك يكمل دور كل من هذه السلطات دور الاخرى فاذا ماحصل أي خلل في هذه العلاقة فأنه سينعكس سلبا على اداء هذه السلطات .

واستناداً لذلك، يمكن القول أنّ هيبة الدولة وقوتها من هيبة قضائها وهيبته وحريته في تطبيق حكم قواعد القانون، فإذا كان قضاء الدولة ضعيفاً أدى ذلك إلى تصدع بناء الدولة، لأنها حينئذ ستبني إحكامها على الباطل الأمر الذي يؤدي إلى إصابة المجتمع بالاضطراب، مما يفسح المجال إمام الإفراد إلى الطغيان واللجوء للقوة والعودة إلى شريعة الغاب، بدلاً من احترام حقوق الإفراد والسلطات العامة للقانون .

ثانياً: مبدا الفصل بين السلطات :

يعد مبدأ الفصل بين السلطات ضمانة مهمة للحقوق والحريات العامة في دولة القانون . وينسب هذا المبدأ في صورته الحديثة إلى المفكر الفرنسي مونتسكيو الذي انطلق من مبدأ  " حماية الحريات " وقرر أن الوسيلة لممارسة السلطة مع المحافظة في الوقت ذاته على حماية الحريات هو الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات ، اذ ان جمع السلطات كلها في يد هيئة واحدة يؤدي حتما إلى إساءة استعمالها ، كما يؤدي إلى الطغيان والاستبداد، وفي ذلك قضاء على الحرية([48]) .

وبذلك يجب ان يتم  توزيع وظائف الدولة الثلاث على سلطات ثلاث : السلطة التشريعية وتختص بإصدار القوانين ، والسلطة التنفيذية وتختص بتنفيذ القوانين ، والسلطة القضائية وتختص بتطبيق القوانين على ما يعرض عليها من منازعات([49]) .

الا ان الفصل التام بين السلطات لا يمكن ان يتحقق اذ ان كل سلطة عند اداء عملها تكون بحاجة الى التعاون والتضامن مع السلطات الاخرى([50]) .

وعليه فان مبدأ الفصل بين السلطات يتحقق بوجود يتحدد سلطات ثلاث في الدولة مستقلة عن بعضها البعض وفي الوقت ذاته متعاونة فيما بينها فضلاً عن قيام الرقابة المتبادلة بينها([51]).

       ففي النظام البرلماني  وهو مااخذ به الدستور العراقي لسنة 2005 ، فهناك تعاون ورقابة متبادلة بين السلطات ولا سيما السلطتين التشريعية والتنفيذية فمن حق الحكومة حل البرلمان وفي مقابل ذلك يملك البرلمان مساءلة الحكومة عن طريق السؤال والاستجواب وسحب الثقة من الحكومة([52]). مما تقدم نرى ضرورة الحفاظ على الفصل بين السلطات وان تعمل كل سلطة بحرية دون تدخل من السلطات الاخرى دون اغفال الرقابة والمحاسبة اذا ما اخلت احدى السلطات بواجباتها .

المبحث الثاني : دور الهيئات القضائية في تعزيز التحول الديمقراطي بعد عام 2003

كان لبعض الهيئات دور كبير في تعزيز وحماية الديمقراطية في العراق بعد عام 2003 وهذا ما سنتناوله تباعاً:

المطلب الاول : دور مجلس القضاء الاعلى في تعزيز التحول الديمقراطي بعد عام 2003:

ان مفهوم التحول الديمقراطي  يعني تحول المجتمعات عن طريق مؤسساته السياسية واتجاهاته ويعرف بأنه ( عملية تطبيق القواعد الديمقراطية سواء في مؤسسات المجتمع او امتداد هذه القواعد لتشمل افراداً اوموضوعات لم تشملهم من قبل ، اذن هي عمليات او اجراءات يتم اتخاذها للتحول من نظام غير ديمقراطي الى نظام ديمقراطي )([53]) ، وان عملية التحول الديمقراطي يشير الى وصوله الى حالة وسط بين نظامين النظام الديكتاتوري وصولاً الى ترسيخ دعائم الديمقراطية ولتحقيق التحول الديمقراطي يجب

  1. تحقيق مفهوم دولة القانون
  2. وجود مجتمع مدني لدوره في الحد من الاستبداد .
  3. وجود ثقافة سياسية تؤمن بالديمقراطية فكراً وسلوكاً سواء على صعيد الجماهير او النخبة الحاكمة([54]) .

ويجعل الحكم الديمقراطي من الشعب مصدر السلطة وصاحب السيادة في الدولة فان حكم الشعب نفسه بنفسه فتسمى( الديمقراطية المباشرة ) او قد يختار الشعب لممارسة السلطة نواباً عنه يباشرونها باسمه ويقومون بأعباء الحكم نيابة عنه وتسمى هذه الصورة من صور الديمقراطية( بالديمقراطية النيابية )أو (الحكومة النيابية).

 واخيراً قد يقوم نظام خليط بين النظامين معاً ، او وسط بينهما ، فتكون هناك هيأة منتخبة تمثل الشعب وتتولى السلطة باسمه مع الرجوع إلى الشعب في بعض الأمور المهمة ليتولاها بنفسه مباشرة من دون أن يكون لتلك الهيأة النيابية حق الفصل فيها([55]).

 الا ان تحقيق الديمقراطية المباشرة يكون مستحيلاً وذلك لان الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية لا يمكن ممارستها من الشعب باكمله([56]).

فضلاً عن ذلك  فأن النظام النيابي ينأى عن الصورة المثلى­ للديمقراطية التي تفترض ممارسة الشعب السيادة بنفسه ، لذلك تطور النظام النيابي إلى جعل الشعب يمارس سلطات حقيقية ويشترك في السلطة اشتراكاً فعلياً.

وتحقيقاً لهذه الغاية تأخذ النظم الحديثة ببعض مظاهر الديمقراطية المباشرة فتبقي على الهيئات النيابية المنتخبة التي تمارس السلطة باسم الشعب ولكنها توجب الرجوع إلى الشعب في بعض الأمور المهمة ليمارسها بنفسه مباشرة . وتلك هي الديمقراطية شبه المباشرة([57]) .

وبرز دور القضاء في تعزيز الديمقراطية في العراق بعد عام 2003عندما تم اصدار امر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (35) لسنة 2003والذي تم بموجبه فك ارتباط المؤسسة القضائية من وزارة العدل كما اعيد تشكيل مجلس القضاء ليحل محل مجلس العدل الذي قد جرى تشكيلة بموجب قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979 .

وجاء في ديباجة امر سلطة الائتلاف انف الذكر على أنْ : (يعمل مجلس القضاء على ضمان أن الجهاز القضائي يمارس سلطاته طبقاً لمبادئ سيادة القانون) ، وأن الهدف من هذا الأمر هو تحقيق دولة القانون وإقامة نظام قضائي مستقل، وهو ماأكده القسم السادس من الأمر المذكور إذ نصت الفقرة(1) منه على أنْ (يقوم المجلس بتأدية واجباته والاضطلاع بمسؤولياته بدون أن يخضع لأي سيطرة أورقابة أو إشراف من وزارة العدل )، ونص على تعليق كل نص يتعارض مع هذه الاستقلالية خصوصاً في قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 وقانون الإدعاء العام رقم 159 لسنة 1979.

وكان الغرض من إعادة تشكيل مجلس القضاء، الإشراف على جهازي القضاء والإدعاء العام في العراق وبقية الأجهزة التابعة له ، وقد أكد هذا المبدأ في الفقرة الثانية من القسم السادس من الامر وذلك من خلال حلول مجلس القضاء محل مجلس العدل وممارسته للسلطات التي كان يمارسها مجلس العدل، فضلاً عن توليه مهمة الرقابة الإدارية على كافة منتسبيه، ويؤدي عمله بشكل مستقل عن وزارة العدل([58]).

ويتكون المجلس من الأعضاء التالين بحكم مناصبهم([59]):

- رئيس محكمة التمييز (رئيسا للمجلس).

- نواب رئيس محكمة التمييز ويكون أحدهم نائبا لرئيس المجلس.

- رئيس مجلس شورى الدولة.

- رئيس الإدعاء العام.

- رئيس هيئة الإشراف العدلي (القضائي حاليا).

- مدير عام الدائرة الإدارية إذا كان من القضاة أو أعضاء الإدعاء العام.

- رؤساء محاكم الاستئناف. 

        ويكون لمجلس القضاء أمين عام يختاره رئيس المجلس ليتولى المهام الإدارية بمساعدة عدد كافٍ من الموظفين([60]).

        وتأكيدا على استقلالية المجلس أشار الأمر المشار إليه إلى أنه يمارس مهامه ومسؤولياته بشكل مستقل عن أي رقابة أو إشراف من وزارة العدل ويعلق أي نص في أي قانون عراقي يتعارض مع ذلك وخصوصا في قانوني التنظيم القضائي والإدعاء العام سالفي الذكر)[61]). كما ونص على إحلال مجلس القضاء محل مجلس العدل المشكل بموجب قانون التنظيم القضائي لسنة 1979 فيما يخص ممارسة صلاحياته تجاه أي قاضٍ أو عضو إدعاء عام، بحيث يكون المجلس وحده مختصا بتولي كافة أشكال الإشراف الإداري على هؤلاء، غير أن الأمر لم يلغِ مجلس العدل وإنما أبقاه قائما ولكن دون أية ولاية على القضاة وأعضاء الإدعاء العام([62]).

اما قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية لعام 2004 فقد اكد على مبدأ استقلال القضاء اذ نص في الباب السادس منه على أنّ القضاء سلطة مستقلة، ولا يدار بأي شكل من الإشكال من السلطة التنفيذية، ومنح هذا القانون السلطة القضائية ميزانية مستقلة، توضع من قبل الجمعية الوطنية مباشرة وليس من وزارة المالية، وأعطى للقاضي حصانة قوية، إذ لا يعزل إلا إذا أدين بجريمة مخلة بالشرف أو متعلقة بالنزاهة، ولا يجوز أيضاً وقف أو تخفيض راتبه لأي سبب من الأسباب([63]) .

ومما يلاحظ ان قانون إدارة الدولة لعام 2004فقد اجرى قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية جملة من التعديلات على التشكيلة الخاصة بمجلس القضاء فقد اصبح مجلس القضاء بموجب هذا القانون يسمى (مجلس القضاء الاعلى ) بعد ان كان يسمى (مجلس القضاء ) ([64]) ، كما احدث تغييراً جوهرياً في رئاسة المجلس ، فبعد أن كان رئيس محكمة التمييز الاتحادية يترأس المجلس بموجب الأمر المذكور، أعطيت الرئاسة لرئيس المحكمة الاتحادية العليا بحكم منصبه، وأصبح رئيس محكمة التمييز الاتحادية، طبقا لقانون إدارة الدولة، بمثابة الرئيس الاحتياطي للمجلس وذلك في حالة غياب الرئيس الأصلي لها

كما أدخل قانون إدارة الدولة في تشكيلة مجلس القضاء الأعلى رؤساء المحاكم الإقليمية للتمييز ونائبين لكل منهم، واخرج من تشكيله المجلس رئيس الإشراف العدلي (القضائي حاليا)، ورئيس مجلس شورى الدولة ومدير الدائرة الإدارية إذا كان من القضاة أو أعضاء الإدعاء العام([65]).

وفيما يتعلق بتشكيل مجلس القضاء الأعلى في ظل الدستور العراقي الدائم لسنة 2005فلم  ينص الدستور الدائم على تشكيلة مجلس القضاء الأعلى وإنما تركها للقانون الاتحادي، غير أنه عدّ المجلس جزءً أساسيا من تكوين السلطة القضائية، اذ نص في المادة (89) منه على  : (تتكون السلطة القضائية الاتحادية من مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الاتحادية العليا، ومحكمة التمييز الاتحادية، وجهاز الادعاء العام، وهيئة الإشراف القضائي، والمحاكم الاتحادية الأخرى التي تنظم وفقا للقانون) .

كما وعدّه الهيئة التي تتولى إدارة شؤون الهيئات القضائية الأخرى وذلك في المادة (90) منه والتي قضت بالاتي(يتولى مجلس القضاء الأعلى إدارة شؤون الهيئات القضائية، و ينظم القانون طريقة تكوينه واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه). 

ونرى ان اسناد رئاسة مجلس القضاء الأعلى، الى رئيس محكمة التمييز الاتحادية بدلا من رئيس المحكمة الاتحادية العليا، افضل وذلك لأن المحكمة الاتحادية العليا تمثل القضاء الدستوري الاتحادي في العراق وهي هيئة قائمة بذاتها ومستقلة عن معظم الهيئات القضائية الأخرى وليس لها تماس مباشر ويومي معها، في حين أن محكمة التمييز تمثل الهيئة القضائية الاعتيادية العليا التي تشرف على عمل معظم المحاكم الاتحادية العاملة في البلد والتي تقع عليها بالدرجة الأولى مهمة تطبيق القوانين على المنازعات وبالتالي مهمة تحقيق العدالة في المجتمع.

ومن الجدير بالاشارة اليه ان دستور العراق لسنة 2005 حدد اختصاصات مجلس القضاء الاعلى في صلب نصوصه  وتتمثل بالاتي :

  1. يتولى المجلس إدارة شؤون القضاء الاتحادي والإشراف عليه باعتبارها الهيئة العليا في هذا المجال وباعتبارها تمثل السلطة الاتحادية الثالثة في البلد إلى جانب السلطتين التشريعية ممثلة بمجلسي النواب والاتحاد والتنفيذية ممثلة بمجلس الرئاسة أو رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.
  2. يقوم المجلس بترشيح رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الإدعاء العام الاتحادي ورئيس هيئة الإشراف القضائي الاتحادي وعرض الترشيحات على مجلس النواب للموافقة على تعيينهم([66]) .
  3. يتولى المجلس اقتراح الموازنة السنوية للسلطة القضائية وعرضها على مجلس النواب للموافقة عليها، ومقتضى هذه الصلاحية أن مشروع الموازنة القضائية لا يمر عبر مؤسسات السلطة التنفيذية وبضمنها وزارة المالية وذلك التزاما بالمبدأين المذكورين أعلاه، أما عرض الميزانية على مجلس النواب فإننا نعتبرها مسألة طبيعية، فكيف أن الحكومة تعرض ميزانيتها على المجلس فكذلك السلطة القضائية، والمسالة لا تشبه موضوع تعيين المناصب القضائية الذي هو موضوع مهني وقضائي صرف، في حين أن تخصيص الميزانية أمر أخر تدخل فيها اعتبارات مالية واقتصادية مختلفة تستلزم إشراك ممثلي الشعب المنتخبين في قرار الموافقة عليها وهو المتبع في معظم دول العالم إن لم يكن في جميعها.

ومن المؤسسات القضائية التي عززت التحول الديمقراطي ايضا بعد عام 2003 هي المحكمة الجنائية العليا اذ انها تعد اول هيئة قضائية تشكلت بموجب القانون رقم (1) لعام 2003من مجلس الحكم من خلال العمل على كشف الجرائم التي ارتكبت من مسؤولي النظام السابق والعمل على محاسبتهم وفق القانون الا ان مما يعرقل عمل المؤسسات القضائية هي قدم التشريعات المنظمة لعملها اذ تم تشريعها في ظل النظام الديكتاتوري السابق مما يؤدي الى عدم ملائمتها للتحول الديمقراطي فضلاً عن سوء الاوضاع الامنية كل ذلك ادى الى عرقلة عمل المؤسسات القضائية .

ومن ابرز الامثلة التي حققها القضاء في دعم الحقوق والحريات والعمل على تحقيق الديمقراطية اصدار مذكرة اعتقال بحق (طارق الهاشمي ) في عام 2011 بتهمة دعمه لاعمال ارهابية الا ان القوى السياسية انقسمت بين مؤيد ومعارض لها.

المطلب الثاني: دور القضاء الدستوري في تعزيز التحول الديمقراطي في العراق بعد عام 2003:

يقصد بالقضاء الدستوري المحكمة او المحاكم التي خصها الدستور بالرقابة على دستورية القوانين([67]) ، فأذا ماخالفت هذه القوانين الدستور فأنها تعرض نفسها للبطلان.

وهذا البطلان يعد نتيجة حتمية لفكرة الدستور الجامد الذي لا يمكن تعديله بواسطة القوانين العادية. فالقوانين الصادرة عن السلطة التشريعية والتي تخالف قواعد الدستور الجامد تعد قوانين باطلة ، من دون حاجة إلى تقرير ذلك البطلان صراحة في صلب الدستور([68]) .

ثالثاً: الرقابة على دستورية القوانين :

        تتمتع الدساتير  بالسمو الموضوعي والشكلي كما ذكرنا انفاً وبذلك فأن مبدا سيادة القانون يعد من مظاهر دولة القانون([69])، وتعد الرقابة على الدستورية إحدى النتائج المترتبة على مبدأ سمو الدستور وتميزه من القوانين العادية ، وعلى ذلك فلا وجود للرقابة على دستورية القوانين إلا في البلاد ذات الدساتير الجامدة ، فإن كان الدستور مرناً ، فلا يتصور الأخذ بالرقابة على دستورية القوانين في ظله ، لأن النصوص التي تتضمنها الوثيقة الدستورية تعد في ذات مرتبة القوانين العادية([70]), وللرقابة على دستورية القوانين انواع منها :

اولاً: الطعن في دستورية القوانين أمام لجنة أو مجلس دستوري(الرقابة السياسية ) :

تباشر الرقابة على دستورية القوانين في بعض الأحيان من قبل هيئة أو لجنة ذات صيغة سياسية غير قضائية.

        وقد انفردت فرنسا منذ أواخر القرن الثامن عشر في الدعوة إلى إيجاد هيئة سياسية يكون من اختصاصها إلغاء جميع القوانين التي تسن مخالفة لأحكام الدستور. ولم تعهد بهذه المهمة إلى القضاء بسبب السمعة السيئة له في ذلك الوقت([71]) .

 وقد أخذت العديد من الدول عن فرنسا هذا النوع من الرقابة مع اختلاف بين دستور وآخر. فاخذ الاتحاد السوفيتي السابق بهذا الأسلوب في دستور عام1977 وجعل الرقابة من اختصاص السلطة التشريعية كما اخذ به دستور ألمانيا الديمقراطية في دستورها لعام 1949 و بلغاريا في دستورها لعام1947 والصين في دستورها لعام1954.

        وقد أناط الدستور الفرنسي الحالي الصادر عام 1958 مهمة الرقابة إلى هيئة اسماها المجلس الدستوري تتكون من نوعين من الأعضاء: تسعة أعضاء يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ، كما يضم المجلس رؤساء الجمهورية السابقون للاستفادة من خبراتهم السياسية التي اكتسبوها من سني خدمتهم ، أما رئيس المجلس فيعين من بين أعضاء المجلس من قبل رئيس الجمهورية([72]).

ويتميز هذا النوع من انواع الرقابة على دستورية القوانين في انه يمارس رقابه وقائية على القوانين غير الدستورية وهي في مرحلة تشريعها قبل ان تصدر،  الا ان ما يعاب على هذا النوع هو إن تحريكه يعود أما للسلطة التشريعية أو التنفيذية مما يعني ان هذه  الرقابة تقوم على اعتبارات سياسية أكثر من إقامتها على اعتبارات قانونية وموضوعية بحكم ان جهة الرقابة غالباً تتكون من هيئة يتم تعيينها أو اختيارها من إحدى هاتين السلطتين ولا شك إن الطابع السياسي يتدخل في هذا التعيين مما يفقدها الاستقلال والحياد في ممارسة دورها الرقابي([73]).

 ثانياً:  الرقابة القضائية على دستورية القانون:

بموجب هذا النوع من الرقابة يمارس القضاء مهمة الفصل فيما إذا كان القانون دستوريا من عدمه ويتم ذلك في الغالب بإتباع طريقين هما:   

  1. رقابة الامتناع أو الدفع الفرعي:

وهنا يمارس القضاء الرقابة على دستورية القوانين من خلال  دعوى مرفوعة أمامه، يطلب فيها تطبيق قانون معين ، فيدفع أحد اطراف الدعوى بعدم دستورية هذا القانون وفي هذه الحالة يتصدى القاضي لفحصه ، فإذا تأكد من مخالفته لأحكام الدستور فإنَه يمتنع عن تطبيقه ويفصل في الدعوى على هذا الأساس ، لهذا تسمى الرقابة عن طريق الدفع برقابة الامتناع ([74])، اي ان المحاكم  عندما تقضي بعدم دستورية قانون ما  المراد تطبيقه في الدعوى المعروضة امامها فإنها لا تلغي القانون وإنما تمتنع عن تطبيقه إذ إن حجية الحكم بعدم الدستورية نسبية يقتصر أثرها على طرفي النزاع([75]).

وتعد الولايات المتحدة الأمريكية  من اوائل الدول التي اخذت  بالرقابة بالدفع بعدم الدستورية مع الاشارة الى أن الدستور الأمريكي لم ينص بشكل واضح وصريح على اختصاص القضاء بالتصدي للقانون غير الدستوري ، وانما نشأ عن طريق العرف الدستوري([76]) .

ويعد هذا الطريق الأسلوب الأكثر نجاحا في فرض الرقابة على دستورية القوانين في الدول التي تخلو دساتيرها من النص صراحة على حق القضاء في الرقابة على دستورية القوانين، إذا ما دفع أمامه – أثناء نظر دعوى مرفوعة – بعدم دستورية قانون ما واجب التطبيق مثال ذلك ما درج عليه القضاء المصري في ظل دستور عام 1956 ودستور عام 1958 رغم خلوهما من نصوص تنظيم الرقابة([77]).

2.الطعن في دستورية القوانين بطريق الدفع الأصلي أو رقابة الإلغاء :

يجيز هذا النوع من الرقابة لبعض المحاكم إلغاء القانون غير الدستوري وإنهاء العمل به وقد يكون هذا الحكم قبل صدور القانون فتسمى رقابة الإلغاء السابقة أو بعده فيسمى رقابة الإلغاء اللاحقة. ،  فعندما  يتم التحقق من المخالفة ، يحكم ببطلان هذا القانون والغائه وبذلك ينتهي أمره بالنسبة للكافة ولاتثار مسألة دستوريته مرة أخرى , وبذلك يعد هذا الأسلوب ذات طابع هجومي في نطاق الرقابة على دستورية القوانين ، اذ يمكن لمن له مصلحة جدية مهاجمة القانون والطعن فيه بشكل مباشر أمام محكمة محددة طالباً اصدار حكم بإبطاله([78]).

وبسبب خطورة الأثر المترتب على صدور الحكم بالغاء القانون المخالف ، تباينت دساتير الدول في تحديد المحكمة التي تختص بالرقابة ، فمنها من جعلها من اختصاص المحكمة العليا في النظام القضائي كما هو الحال في الدستور السويسري لسنة 1874 ودستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، في حين ان هناك دساتير أخرى اناطت مهمة الرقابة الى  محكمة دستورية خاصة كما هو الحال في الدستور المصري لسنة 1971 ، ودستور المانيا الاتحادية لسنة 1949([79]).

كما اخذ الدستور الايطالي لعام 1947 بتشكيل محكمة دستورية من خمسة عشر قاضياً تمتلك سلطة إلغاء القانون غير الدستوري اعتباراً من تاريخ صدور الحكم.    

ومن الجدير بالاشارة اليه ان الكثير من دساتير الدول لم تجز  للأفراد إن يطعنوا مباشرة في دستورية القوانين بينما أجاز بعضها ذلك بطريق غير مباشر بان يتقدموا بالطعن بعدم دستورية قانون ما أمام بعض المحاكم، فان اقتنعت هذه المحكمة بجدية الطعن تقدمت به إلى المحكمة الدستورية([80]).   

وعلى انه بالرغم من مزايا الرقابة القضائية بطريق الدعوى المباشرة إلا إنها لم تسلم من النقد من جانب من الفقه باعتبار إنها تمثل خروجا على حدود مهمة القضاء وتؤدي إلى إقحامه في المجال التشريعي وإهداره لعمل السلطة التشريعية، مما يعد مساسا بمبدأ الفصل بين السلطات. كما إن إعطاء المحكمة سلطة إلغاء القانون، يعطيها مركزا قويا ونفوذا كبيراً باتجاه سلطات الدولة الأخرى لاسيما السلطة التشريعية.

من كل ماذكر سابقاً كان لابد من إنشاء محكمة عليا في العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق لتتولى مهمة الرقابة على دستورية القوانين، التي تصدرها السلطتان التشريعية والتنفيذية، لضمان مبدأ الفصل بين السلطات وضمان احترام الدستور وترسيخ مبدأ المشروعية، لذا شكلت المحكمة الاتحادية العليا في العراق بموجب قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 ،والذي عدّ الدستور الذي نظم أعمال السلطات ومؤسسات الدولة الأساسية، خلال الفترة الانتقالية التي تلت احتلال العراق لعام 2003، ولغاية صدور دستورعام 2005 إذ تضمن إشارة  واضحة إلى الرقابة على دستورية القوانين ،و نص على  تشكيل محكمة اتحادية عليا وهي المحكمة القائمة الآن  إذ نصت الفقرة (أ) من المادة (44) من القانون المذكور على أنه (يجري تشكيل محكمة في العراق  بقانون وتسمى المحكمة الاتحادية العليا ).

 وبناءً على ذلك فقد صدر قانون المحكمة الاتحادية رقم (30) لسنة 2005، وقد أشار القانون المذكور إلى آلية تشكيل المحكمة والشروط الواجب توافرها في الأعضاء وذلك على النحو الآتي : تتكون المحكمة من تسعة أعضاء بمن فيهم الرئيس ، ويتم تعيين الرئيس والأعضاء من مجلس الرئاسة الذي يختارهم من بين المرشحين الذين يتقدم بهم مجلس القضاء الأعلى بعد التشاور مع المجالس القضائية في الأقاليم ،على أن لا يقل عدد الأسماء المرشحة المرفوعة إلى مجلس الرئاسة عن ثمانية عشر اسماً ولا يزيد على سبعة وعشرين اسماً([81]), وقد اغفل الدستور تحديد عدد أعضاء المحكمة، وترك ذلك إلى قانون يصدر لاحقاً وهذا ما أكدته المادة (92) الفقرة (ثانياً) من الدستور المذكور، والتي نصت على أنْ (تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون يحدد عددهم  وتنظم طريقة اختيارهم وعمل المحكمة بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب).

ويعمل القضاء على حماية حقوق وحريات الافراد من اي انتهاكات وبالتالي يحقق التوازن والمساواة بين الافراد لافرق بين شخص واخر فالكل سواسية امام القانون وامام حكم القضاء  وهذا ما نصت عليه المادة (14) من دستور العراق لعام 2005 اذ قضت بأن (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ).

كما يحقق القضاء الديمقراطية من الناحية السياسية من خلال اشرافه على التداول السلمي للسلطة من خلال الاشراف على الانتخابات او المصادقة على نتائجها او من خلال تفسير نصوص الدستور ويبرز دور المحكمة الاتحادية العليا في حماية الحقوق والحريات الاساسية الفردية المنصوص عليها في الدستور بقرارها ذي الرقم 57 / اتحادية / 2017 في 3/ 8 / 2017 الذي يقول (قررت المحكمة الاتحادية العليا، عدم دستورية القرار 120 لسنة 1994 وإلغاءه..)([82]).  

مما تقدم نرى انه بالرغم من الدور الكبير الذي يؤديه القضاء لحماية وتعزيز الديمقراطية الا انه يواجه الكثير من العقبات التي تعيق عمله ومنها تاخر التشريعات المنظمة لعمل الهيئات القضائية منها تأخر اصدار قانون المحكمة الاتحادية العليافضلاً عن الوضع الامني المتردي اذ يعاني افراد الهيئات القضائية الى الكثير من عمليات القتل والتهديد وكل ذلك له اثر كبير في اداء هذه السلطة .

الخاتمة

يعد القضاء من السلطات المهمة في الدولة لما له من دور كبير في حماية حقوق الافراد وحرياتهم واحقاق الحق والعمل على المساواة بين جميع الافراد دون تمييز ، ومن خلال هذا البحث توصلنا الى جملة من الاستنتاجات والتوصيات .

الاستنتاجات

  1. ان الديمقراطية تحتاج الى الاستقرار فالاستقرار الامني له دور كبير في تحقيق الديمقراطية .
  2. وللقضاء دور كبير في حماية حقوق وحريات الافراد من اية انتهاكات من خلال المساواة بين الافراد جميعهم في الحقوق والواجبات فالكل سواسية امام القانون والقضاء ومن اجل حماية الديمقراطية فقد قامت المحكمة الاتحادية العليا باصدار الكثير من الاحكام القضائية بحق العديد من القوانين الصادرة من مجلس النواب لما شابها من نقص   .
  3. هنالك عقبات كثيرة تعرقل عمل السلطة القضائية .
  4. ان التشريعات المنظمة لعمل الهيئات القضائية هي تشريعات قديمه لا تتلائم مع التحول الديمقراطي الذي شهده العراق .
  5. بعد عام 2003 وصدور قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية والذي صدر بموجبة الامر رقم (12) لسنة 2004 تغيرت بموجب هذا القانون والامر المذكور هيكلية القضاء من مرفق عام الى سلطة قائمة بذاتها وبذلك خطى المشرع خطوة كبيرة في مجال تصحيح مسار القضاء من كونه تابعا ً لوزارة العدل الى سلطة قائمة بذاتها .

التوصيات

  1. مراعاة قضايا حقوق الانسان والتي تعتبر اهم ركائز التحول الديمقراطي مثل السرعة  في اجراء المحاكمات  للسجناء فضلاً عن السرعة في عرض الاوراق التحقيقية على القاضي.
  2. اجراء التعديلات الدستورية التي من شانها ضمان الحقوق والحريات العامة دستورياً وقانونياً وقضائياً وضمان فاعلية منظمات المجتمع المدني .
  3. الاسراع في اصدار قانون المحكمة الاتحادية العليا .
  4. العمل على مكافحة الفساد بكل اشكالة وفي جميع مؤسسات الدولة ولا سيما المؤسسة القضائية .
  5. العمل على تحديد مدة عمل رئيس مجلس القضاء الاعلى اذ ان بقاء الرئيس في هذا المنصب مدى الحياة يمس باستقلال القضاء وحياده .
  6. ضمان التغيير السلمي في المجتمع بما تضمنه مرونة في الاستجابة للرأي العام .

المراجع

اولاً : القرآن الكريم

ثانياً: المعاجم اللغوية :

1.المنجد في اللغة و الإعلام ، ط37، دارالفقة للطباعة والنشر،2001 .            

ثالثاً: الكتب :

  1. محمود عايش متولي، ضمانات العدالة في القضاء الإسلامي، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت، 2003.
  2. ضياء شيت خطاب , الوجيز في شرح قانون المرافعات المدنية ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1973.
  3. د. يس عمر يوسف ، استقلال السلطة القضائية في النظامين الوضعي والإسلامي ، ط1 ، دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر ، بيروت ، 1995 .
  4. د. احسان حميد المفرجي ، و د. كطران زغير نعمة ، و د. رعد ناجي الجدة ، النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق ، مطبعة دار الحكمة ، بغداد ، 1990 .
  5. د. حميد حنون خالد ، مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق، مكتبة السنهوري ، بيروت ، 2015 .
  6. د. منير حميد البياتي ، الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي ، مرجع سابق .
  7. د.رفعت عيد سيد، الوجيز في الدعوى الدستورية ، ط1 ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2004 .
  8. د. أمين عاطف صليبا ، دور القضاء الدستوري في إرساء دولة القانون ، المؤسسة الحديثة للكتاب ، طرابلس– لبنان ، 2002 .
  9. د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، القانون الدستوري والنظم السياسية ، بيروت ، 1983.
  10. د. ثروت بدوي ، القانون الدستوري وتطور الأنظمة السياسية في مصر ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1971 .
  11. د. عبد الحميد متولي ، الوجيز في النظريات والأنظمة السياسية ومبادئها الدستورية ، دار المعارف ، الاسكندرية ، 1958 – 1959 .
  12. د. منذر الشاوي ، فلسفة الدولة ، ط1، دار ورد الاردنية للنشر والتوزيع ، 2012.
  13. فارس حامد عبد الكريم، المعيار القانوني، دار الكتب والوثائق، بغداد، 2009.
  14. د. نايف بن محمد السلطان ،حقوق المتهم في نظام الإجراءات الجزائية السعودي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،2005.
  15. د . احمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري، ط4، دار الشروق، القاهرة، 2006.
  16. مبادئ السلوك القضائي ، تأملات أخلاقيات القضاء ، ط 2 ، 2007 .
  17. د. محمد عصفور، استقلال السلطة القضائية ، بدون دار نشر ، القاهرة ، بدون سنة نشر.
  18. د. ثروت بدوي، القانون الدستوري وتطور الأنظمة الدستورية في مصر، القاهرة ، 1969.
  19. د. حمدي العجمي ، مقدمة في القانون الدستوري في ضوء الدساتير العربية المعاصرة ،ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،
  20. د. فاروق عبد البر ، دور المحكمة الدستورية المصرية في حماية الحقوق والحريات ، النسر الذهبي للطباعة ، القاهرة ، 2004 .
  21. د. عادل الطبطبائي ، الحدود الدستورية بين السلطتين التشريعية والقضائية – دراسة مقارنة - ، مجلس النشر العلمي - جامعة الكويت ،الكويت ، 2000 .
  22.  د. كريم يوسف أحمد كشاكش ، الحريات العامة في الأنظمة السياسية المعاصرة ، دار المعارف في الإسكندرية – 1987.
  • د. صالح جواد الكاظم ، و د. علي غالب العاني ، الأنظمة السياسية ، مطابع دار الحكمة، بغداد ، 1991 .
  1. د. نوري لطيف ، القانون الدستوري ، ط1، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1976.
  • د. أدمون رباط ، القانون الدستوري العام ، الجزء الثاني – النظرية القانونية في الدولة وحكمها - ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1970 .
  1. د. محمد كامل ليله ـ القانون الدستوري ، دارالفكر العربي ،القاهرة 1971.
  2. د. كمال غالي ، مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية ، ج2 ، مطبعة جامعة دمشق ، 1968 .
  3. د. محمد سليم غزوي ، الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكة الأردنية الهاشمية ، ط3 ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1994 ..
  4. د.عبد الغني بسيوني عبد الله ،، النظم السياسية والقانون الدستوري ،1977.
  • د. ماجد راغب الحلو ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، بدون طبعة، منشأة المعارف ، الأسكندرية، 2005.
  • د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، دون سنة طبع .
  • د. زهير شكر ، الوسيط في القانون الدستوري ، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية (النظرية العامة والدول الكبرى) ، ج1 ، ط3 ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 1994 .
  1. نبيل عبد الرحمن حياوي ، دولة العراق الديمقراطية ، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2004.
  • د. عصمت عبد الله الشيخ ، مدى استقلال القضاء الدستوري في شأن الرقابة على دستورية التشريعات ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2003 .

الرسائل والاطاريح:

  1. سيبان جميل مصطفى، مبدا استقلال القضاء ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2003.
  2. انتصار حسن عبد الله، الحماية الدستورية لاستقلال القضاء ، رسالة ماجستير ، كلية القانون الجامعة المستنصرية ، 2009.
  3. صباح جمعة أوختي ، الأساس الدستوري لمبدأ المساواة أمام القضاء وضماناته بين الشريعة الإسلامية والنظم الوضعية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية صدام للحقوق ،1999.
  4. د. جعفر عبد السادة الدراجي ، التوازن بين السلطة والحرية، اطروحة دكتوراه جامعة بغداد ، 2006.
  5. مها بهجت يونس ، الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودوره في تعزيز دولة القانون (دراسة مقارنة )، اطروحة دكتوراة مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد ، 2006.

البحوث :

  1. د. احمد غالب محي ، التحول الديمقراطي اسبابه شروطه مستوياته (دراسة حالة العراق، بحث منشور في مجلة قضايا سياسية ، جامعة النهرين ، 2014.
  2. د. مها بهجت يونس ، حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، بحث منشورفي مجلة العلوم القانونية ، جامعة الكوفة ، العدد الأول ، 2010.
  3. رزكار محمد قادر ، استقلال القضاء كونه ركيزة من ركائز المحاكمات العادلة (دراسة مقارنة في القانون الوضعي والشريعة الاسلامية ) ،بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، العدد(39) ، المجلد (11) ،2009.
  4. مدحت المحمود، السلطة القضائية في العراق ( الادارة والشؤون المالية )، بحث منشور في مجلة(داردوه ر) (القاضي)، العدد الثالث، 2011.
  5. د. سميرداود سلمان ود. لمى علي فرج ، الشرعية الدستورية في الدستور العراقي لعام 2005 ،مجلة آداب المستنصرية ، العدد(60)، 2013.
  6. فتحي الجواري، دور السلطة التنفيذية في ضمان استقلال القضاء، بحث منشور في مجلة التشريع والقضاء، العدد الثاني (نيسان، أيار، حزيران )، 2009.
  7. د. خليل حميد عبد الحميد، مبدأ استقلال القضاء بين النظرية والتطبيق، بحث منشور في مجلة كلية المأمون، العدد السادس عشر، 2010.
  8. د. عبد السلام الترمانيني ، مفهوم العدل والعدالة في الشريعة الإسلامية ، بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة ، جامعة الكويت ، العدد الأول، السنة الثانية ، 1978 .

القوانين :

  1. قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979
  2. امر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (35) لسنة 2003.
  3. قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية لعام 2004
  4. قانون المحكمة الاتحادية رقم (30) لسنة 2005

المواقع الالكترونية :

http://lwww.iraqiudicatue.org/researches.html

المراجع الاجنبية :

  1. Steven foster , the juduiciary civil liberties and human .rights,edinburgh university press,2006

2.Dondalp. Kommers , and introduction to the federal constitutional ourt german law journal , no . 9, qune 2001 .

3.Laferriere(M) ; Course de Droit Constitutional , Paris , 1947.

  •  

    محمود عايش متولي، ضمانات العدالة في القضاء الإسلامي، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت، 2003، ص5.

([2]) سورة يونس: الآية 71.                                                         

([3]) المنجد في اللغة و الإعلام ، ط37، دارالفقة للطباعة والنشر،2001 ، ص 636.

([4]) سورة يونس: الآية 47.

([5]) محمود عايش متولي، ضمانات العدالة في القضاء الإسلامي، ط1، دار الكتب العلمية ،  بيروت، 2003، ص5.

([6]) ضياء شيت خطاب , الوجيز في شرح قانون المرافعات المدنية ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1973،ص 39.

([7]) د. يس عمر يوسف ، استقلال السلطة القضائية في النظامين الوضعي والإسلامي ، ط1 ، دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر ، بيروت ، 1995 ، ص119 وما بعدها .

([8]) ينظر : مها بهجت يونس ، الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودوره في تعزيز دولة القانون (دراسة مقارنة )، اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد ، 2006، ص 6.

([9]) ينظر : د. احسان حميد المفرجي ، و د. كطران زغير نعمة ، و د. رعد ناجي الجدة ، النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق ، مطبعة دار الحكمة ، بغداد ، 1990 ، ص 161

([10]) ينظر : د. حميد حنون خالد ،  مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق، مكتبة السنهوري ، بيروت ، 2015 ، ص138.

([11]) ينظر : د. حمدي العجمي ، مقدمة في القانون الدستوري في ضوء الدساتير العربية المعاصرة ،ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،  2009، ص87.

([12]) ينظر: مها بهجت يونس ، الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودوره في تعزيز دولة القانون (دراسة مقارنة ) ، المرجع السابق ، ص7 وما بعدها.

([13]) ينظر د. مها بهجت يونس ، الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودروه في تعزيز دولة القانون (دراسة مقارنة ) ، المرجع السابق ، ص9.

([14]) ينظر د.رفعت عيد سيد، الوجيز في الدعوى الدستورية ، ط1 ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2004 ، ص 22

([15]) ينظر: د. أمين عاطف صليبا ، دور القضاء الدستوري في إرساء دولة القانون ، المؤسسة الحديثة للكتاب ، طرابلس– لبنان ، 2002 ، ص 86

([16]) ينظر : د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، القانون الدستوري والنظم السياسية ، بيروت ، 1983، ص182.

([17]) ينظر : د. حميد حنون خالد، مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق، المرجع السابق ، ص142.

([18])  ينظر : د. مها بهجت يونس ، المرجع السابق، ص9.

 ([19])  ينظر د. ثروت بدوي ، القانون الدستوري وتطور الأنظمة السياسية في مصر ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1971 ، ص97.

 ([20]) ينظر د. عبد الحميد متولي ، الوجيز في النظريات والأنظمة السياسية ومبادئها الدستورية ، دار المعارف ، الاسكندرية ، 1959 ، ص 291 .

 ([21])  ينظر: د. مها بهجت يونس ، الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودوره في تعزيز دولة القانون (دراسة مقارنة )،المرجع السابق ، ص 10.

([22]) ينظر : د. سميرداود سلمان ود. لمى علي فرج ، الشرعية الدستورية في الدستور العراقي لعام 2005 ،مجلة آداب المستنصرية ، العدد(60)، 2013، ص4  وما بعدها.

([23]) ينظر :د . سمير داود سلمان ، ود. لمى علي فرج ، المرجع السابق ، ص 6.

([24]) ينظر: د. منذر الشاوي ، فلسفة الدولة ، ط1، دار ورد الاردنية للنشر والتوزيع ، 2012.،  ص 284 وما بعدها .

([25]) ينظر :د. منذر الشاوي ، فلسفة الدولة ، المرجع السابق ، ص286.

([26]) ينظر : فارس حامد عبد الكريم، المعيار القانوني، دار الكتب والوثائق، بغداد، 2009، ص19.

([27]) بعد عام 2003 وصدور قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية صدر بموجبة الامر رقم (12) لسنة 2004  وتغيرت بموجب هذا القانون والامر المذكور هيكلية القضاء من مرفق عام الى سلطة قائمة بذاتها .

([28]) د. خليل حميد عبد الحميد، مبدأ استقلال القضاء بين النظرية والتطبيق، بحث منشور في مجلة كلية المأمون، العدد السادس عشر، 2010، ص125.  

([29]) انتصار حسن عبد الله ، الحماية الدستورية لاستقلال القضاء ، رسالة ماجستير،كلية القانون الجامعة المستنصرية، 2009، ص64.

([30]) نصت المادة 65 من الدستور المصري لعام 1971 على أنْ ( تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات )  وكذلك نصت المادة 66/2 من الدستور الفرنسي  لعام 1958على إنّ (السلطة القضائية تحافظ على الحرية الفردية وتضمن احترام هذا المبدأ بالشروط المنصوص عليها في القانون ).

([31]) أنّ العدل أحساس يبعث الارتياح في النفس لكل ما يدفع الجور ويزيل الشعور بالظلم ويحقق المساواة  والمساواة تكون بتنصيف الشيء إلى نصفين يتساوان إذا وقع التنصيف في وسطه بحيث لا يزيد احد النصفين عن الأخر ولا ينتقص عنه وقد قال الفقهاء المسلمون أنّ العدل هو الإنصاف أي التنصيف المتساوي ، كما قالوا انه التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، وقالوا : ان المساواة في كل شيء من غير زيادة ولا نقصان، وقد اتخذ الميزان رمزاً له يتحقق بتساوي كفتيه ، ومن ثم يجب إنّ يكون الميزان مستقيماً، فإن اختلفت كفتاه فهو الجور والظلم ، وقد أشار جل وعلى إلى ذلك في القران الكريم في قوله تعالى :(وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ) ويتحقق العدل بالقاعدة القانونية الملزمة التي تقررها السلطة التشريعية ، ولما كانت القاعدة القانونية ثابتة شاملة فإنّه يمتنع على القاضي أنّ يبدل فيها ويلتزم بتطبيقها دون أنّ يهتم بالنتائج التي يقترن بها حكمه ، وبتطبيق القانون على هذا النحو يكون قد قضى بالعدل ويسمى عادلاً،ولذلك أطلقوا على عدل القانون ب ( العدل الثابت) إما العدالة فهي تقتضي تغليب الأخلاق على القانون  وهي مبدأ يلجأ إليه القاضي لتلطيف حكم القانون وقد علل ذلك ارسطو في كتابه الأخلاق قائلاً: (العدالة مع كونها عدل تختلف عن العدل الذي هو تطبيق للقانون وهي أكثر ما تكون وسيلة لتلطيف عدله ذلك أنّ حكم القانون شامل وفي نطاق هذا الشمول لايمكن في بعض الحالات أنّ نحصل من تطبيقه على حكم سليم فالقانون يأخذ بنظر الاعتبار ما يحدث في الحالات الغالبة وفيها يكون تطبيقه صالحاً ولا يكون صالحاً في الحالات الأخرى) ولا يوجد هناك أي فرق بين العدل والعدالة من الناحية اللغوية ولكن الفرق يبرز في ميدان تطبيق القانون ، ينظر : د. عبد السلام الترمانيني ، مفهوم العدل والعدالة في الشريعة الإسلامية ، بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة ، تصدر عن جامعة الكويت ، العدد الأول، السنة الثانية ، 1978 ، ص 257 وما بعدها .

([32]) سيبان جميل مصطفى، مبدا استقلال القضاء ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2003، ص22.

([33])  سيبان جميل مصطفى ، المصدر نفسه ،ص19.

([34])  وقد عبر عن ذلك (الكسندر هاملتون) في مقال له  قائلاً : (لن تعم الحرية في البلاد إلا بفصل السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية فليس هنالك خطر على الحرية من السلطة القضائية لوحدها وإنما يأتي ذلك الخطر جراء اتحادها مع أي من السلطتين المذكورتين ). والكسندر هاملتون هو من الشخصيات التي شاركت في صياغة الدستور الأمريكي. ينظر: فتحي الجواري، دور السلطة التنفيذية في ضمان استقلال القضاء، بحث منشور في مجلة التشريع والقضاء، العدد الثاني (نيسان، أيار، حزيران )، 2009، ص46.

 ([35]) إذ تنص المادة (64) منه على أنْ ( يكون رئيس الجمهورية الضامن لاستقلال القضاء).

([36]( Steven foster , the juduiciary civil liberties and human .rights,edinburgh university press,2006,p45-46 .

([37]) مبادئ بانجالور / مشروع مجموعة القواعد التي تبنتها المجموعة القضائية لتدعيم الأمانة القضائية والمعدلة في اجتماع المائدة المستديرة لرؤساء المحاكم العليا التي انعقدت في قصر السلام في لاهاي يومي 25 /26 نوفمبر 2002 .

([38]) ينظر:  د. نايف بن محمد السلطان ،حقوق المتهم في نظام الإجراءات الجزائية السعودي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،2005،ص228 .

([39]) ينظر:د. مها بهجت يونس ، حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، بحث منشورفي مجلة العلوم القانونية ، جامعة الكوفة ، العدد الأول ، 2010،ص15.

([40]) ينظر: د. نايف بن محمد السلطان ،المرجع السابق  ،ص228 .

([41]) ينظر: د . احمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري، ط4، دار الشروق، القاهرة، 2006، ص381.

([42]) ينظر: صباح جمعة أوختي ، الأساس الدستوري لمبدأ المساواة أمام القضاء وضماناته بين الشريعة الإسلامية والنظم الوضعية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية صدام للحقوق ،1999، ص158.

([43]) ينظر:مدحت المحمود، السلطة القضائية في العراق ( الادارة والشؤون المالية )، بحث منشور في مجلة(داردوه ر) (القاضي)، العدد الثالث، 2011، ص78 وما بعدها.

([44]) مدحت المحمود ، استقلال القضاء في العراق ودور الدستور الدائم في حماية استقلال القضاء ،مركز القضاء العراقي  للدراسات والتوثيق، بحث منشور على الشبكة الدولية للمعلومات:http://lwww.iraqiudicatue.org/researches.html    

([45]) د. محمد عصفور، استقلال السلطة القضائية ، بدون دار نشر ، القاهرة ، بدون سنة نشر .ث2 ص8 وما بعدها .

([46]) ينظر: د- رزكار محمد قادر ، استقلال القضاء كونه ركيزة من ركائز المحاكمات العادلة (دراسة مقارنة في القانون الوضعي والشريعة الاسلامية ) ،بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، العدد(39) ، المجلد (11) ،2009.،ص209 .

([47]) د. ثروت بدوي، القانون الدستوري وتطور الأنظمة الدستورية في مصر، القاهرة ، 1969، ص269.

([48])  ينظر: د. جعفر عبد السادة الدراجي ، التوازن بين السلطة والحرية ، التوازن بين السلطة والحرية، اطروحة دكتوراه جامعة بغداد ، 2006، ص139.

([49])  ينظر د. فاروق عبد البر ، دور المحكمة الدستورية المصرية في حماية الحقوق والحريات ، النسر الذهبي للطباعة ، القاهرة ، 2004 ، ص 205 .

([50])  ينظر مها بهجت يونس ، الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودوره في تعزيز دولة القانون(دراسة مقارنة)، المرجع السابق ، ص25.

([51])  ينظر د. عادل الطبطبائي ، الحدود الدستورية بين السلطتين التشريعية والقضائية – دراسة مقارنة - ، مجلس النشر العلمي - جامعة الكويت ،الكويت ، 2000 ، ص10

([52])  ينظر د. كريم يوسف أحمد كشاكش ، الحريات العامة في الأنظمة السياسية المعاصرة ، الحريات العامة في الأنظمة السياسية المعاصرة ، دار المعارف في الإسكندرية،1987، ص24. ص 401 وما بعدها ، و د. صالح جواد الكاظم ، و د. علي غالب العاني ، الأنظمة السياسية ، مطابع دار الحكمة، بغداد ، 1991 ، ص 67.

([53]) ينظر: د. احمد غالب محي ، التحول الديمقراطي اسبابه شروطه مستوياته (دراسة حالة العراق، بحث منشور في مجلة قضايا سياسية ، جامعة النهرين ، 2014، ص153.

([54]) ينظر د. احمد غالب محي ، المرجع السابق ، ص154.

([55])  ينظر د. صالح جواد الكاظم ، و د. علي غالب العاني ، الأنظمة السياسية ، مرجع سابق ، ص 26 وما بعدها ، ونبيل عبد الرحمن حياوي ، دولة العراق الديمقراطية ، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2004 ، ص 77 وما بعدها .

([56])  ينظر د. ثروت بدوي ، النظم السياسية ، مرجع سابق ، ص 209

([57])  ينظر د. كريم يوسف أحمد كشاكش ، الحريات العامة في الأنظمة السياسية المعاصرة ، مرجع سابق ، ص 513 .

([58]) ينظر:فارس رشيد، المصدرالسابق، ص32.

-  ينظر: فارس رشيد، المصدر نفسه ، ص33. 

- ينظر: ديباجة الأمر رقم 35لسنة 2003 الصادر في 18/9/2003.

- ينظر: مدحت المحمود،القضاء في العراق، المرجع السابق، ص66.

([59]) ينظر :القسم الثاني/1 من الأمر رقم (35) لسنة 2003.

([60]) ينظر : القسم الثاني/2 من الأمر رقم (35) لسنة 2003.

([61]) ينظر :القسم السادس/1 من الأمر أعلاه.

([62]) ينظر :القسم السادس/2 من الأمر أعلاه.

([63]) ينظر: المواد ( 47,43،24) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية .

([64]) أنظر المادة (45) من قانون إدارة الدولة.

([65]) ينظر: القسم السادس من المذكرة رقم (12) لسنة 2004.

([66]) ينظر : المادة (91) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.

([67])  ينظر د. عادل عمر شريف ، قضاء الدستورية – القضاء الدستوري في مصر – ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة عين شمس - ، 1988 ، ص 10-11 ، و د. عصمت عبد الله الشيخ ، مدى استقلال القضاء الدستوري في شأن الرقابة على دستورية التشريعات ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2003 ، ص7.

([68]) ينظر : د. حميد حنون خالد ، مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق، ص123.

[69])) ينظر: د. نوري لطيف ، القانون الدستوري ، ط1، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1976، ص 217 .

([70])  ينظر د. أدمون رباط ، القانون الدستوري العام ، الجزء الثاني – النظرية القانونية في الدولة وحكمها - ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1970 ، ص 474 و ص 518

([71]) ينظر: د. محمد كامل ليله ، القانون الدستوري ، دار الفكر العربي ،القاهرة 1971، ص24.

([72]) ينظر:د. كمال غالي ، مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية ، ج2 ، مطبعة جامعة دمشق ، 1968 ، ص40.

([73]) ينظر:د. محمد سليم غزوي ، الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكة الأردنية الهاشمية ، ط3 ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان  ، 1994 ، ص30.

([74]) ينظر : د.عبد الغني بسيوني عبد الله ،، النظم السياسية والقانون الدستوري ،1977، ص565.

([75]) ينظر :د. ماجد راغب الحلو ،  النظم السياسية والقانون الدستوري ، بدون طبعة، منشأة المعارف  ، الأسكندرية، 2005، ص443 وما بعدها .

([76]) حيث قامت المحكمة العليا  بأتباع الرقابة بطريق الامتناع في قضية ماربوري ضد ماديسون سنة 1803 ، إذ اوضحت أن القضاة يملكون تفسير كل من الدستور والتشريع ، فإذا وجدوا خلافاً بينهما وجب تفضيل الدستور على التشريع ، لانّ في ذلك تفضيل لإرادة الشعب على إرادة نوابه ينظر: د. حميد حنون خالد ، مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق، المرجع السابق ، ص162.

([77]) ينظر: د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، دون سنة طبع ، ص 179 . ود. زهير شكر ، الوسيط في القانون الدستوري ، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية (النظرية العامة والدول الكبرى) ، ج1 ،  ط3 ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 1994 ، ص 64 و65 .

)1) Laferriere(M) ; Course de Droit Constitutional , Paris , 1947 , P. 255  ـ   

([79]) ينظر :د.حميد حنون خالد ، مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق ، المرجع السابق  ، ص129،128.

([80]) Dondalp. Kommers , and introduction to the federal constitutional ourt german law journal , no . 9, qune 2001 , p.4.

([81]) ينظر : المادة الربعة  والأربعون / هـ من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لعام 2004 .

([82]) لدى التدقيق والمداولة في المحكمة الاتحادية العليا وجد ان دعوى المدعي تتأدى بان محكمة التمييز الاتحادية قد وجهت بقرارها التمييزي الصادر عن الهيئة الجزائية الاولى فيها بالعدد (8537/2013) بفرد قضية مستقلة للمتهم (ح.هـ.م) (المدعي في هذه الدعوى ) واجراء محاكمته وفق المادة (340) من قانون العقوبات . وبناء عليه اجرت محكمة الجنايات في النجف الاشرف محاكمته وفق القانون وحكمت عليه بالسجن لمدة سنتين والزامه بتاديته الى هيئة الاعمار في النجف الاشرف مبلغا مقداره (968 ، 520 ، 171) مائة وواحد وسبعون مليون وخمسمائة وعشرون الف وتسعمائة وثمانية وستون دينارا عن خطاه المتعمد الذي تسبب خسارة الهيئة المذكورة بما يعادل هذا المبلغ على ان لايخلى سبيله بعد انتهاء مدة محكوميته الا بعد تسديده المبلغ عملا باحكام  قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994 فاقام المدعي هذه الدعوى طاعنا بعدم دستورية القرار المذكور لمخالفته للمواثيق الدولية وللاعلان العالمي لحقوق الانسان وللمواد الواردة في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 المذكورة في عريضة الدعوى . وتجد المحكمة الاتحادية العليا من قراءة  قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994 الذي قضى بعدم اطلاق سراح المحكوم عن جريمة اختلاس او سرقة اموال الدولة او عن اية جريمة عمدية اخرى تقع عليها بعد قضاءه مدة الحكم ما لم تسترد منه هذه الاموال او تحولت اليه او ابدلت به او قيمتها . ومن الاطلاع على تطبيقات هذا القرار وبعد ان يمضي المحكوم عليه عن جريمة من الجرائم المذكورة فيه المدة المحكوم بها وجوب بقاءه في السجن مدة لها بداية ولا نهاية لها . والنهاية اذا حلت شرط قد لايمكن تحققه مع الاعسار وهو تسديد مبلغ الضرر الذي اصاب الدولة في مالها العام ومن تحليل هذا الموقف فان المركز القانوني للمحكوم عليه الذي امضى مدة الحكم الجزائي الذي حكم به وبما يتناسب مع حجم الجريمة التي ارتكبها قد اصبح مدنيا للجهة المتضررة وهي احدى مؤسسات الدولة والتي عناها القرار المطعون بعدم دستوريته وتجد المحكمة الاتحادية العليا ان استحصال هذه المؤسسة ديونها حق كفله القانون لها واستحصال هذا الحق يلزم ان يتم وفق الاجراءات المرسومة في القوانين وليس بالتنفيذ على بدن المدين وبالقدر الذي يؤمن التضييق عليه لاظهار امواله وللمدة التي حددها القانون لا الى ما لا نهاية حبث حدد  قانون التنفيذ رقم (45) لسنة 1980 هذه المدة في المادة 43 منه بما لايزيد على اربعة اشهر لاجبار المدين على اظهار امواله اضافة الى الطرق الاخرى التي رسمها القانون للحصول على تلك الاموال بالحجز عليها ومنع السفر وغيره وكذلك ما اورده  قانون تحصيل الديون الحكومية رقم (56) لسنة 1977 من اساليب تؤمن الحصول على حقوق الدولة . والقول بغير ذلك وابقاء المدين موقوفا او سجينا بدون حدود اذا كان معسرا ولم تستطع الدولة بما لها من امكانات للكشف عن امواله والحصول على حقوقها منه بالاساليب القانونية واللجوء الى تطبيق احكام القرار رقم (120) لسنة 1994 بابقاءه سجينا دون تحديد مدة سجنه فان ذلك يتعارض مع المبادىء التي اوردها الدستور في الفصل الثاني من الباب الثاني المتعلق بالحريات المواد (37-46) ومنها ما نصت عليه المادة (37/اولا) ((حرية الانسان وكرامته مصونة)) وما نصت عليه الفقرة (ج) من نفس المادة بتحريم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي وكذا ما حرمته المادة (46) منه بعدم جواز تقييد الحقوق والحريات الا بناء على قانون ، وان لايكون هذا القانون ماسا ومقيدا لجوهر الحق او الحرية وبناء عليه وحيث ان المادة (2/ج) من الدستور لم تجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الواردة فيه فان سن مثل هذا القانون او وجوده اصلا يشكل خرقا لاحكام الدستور ويقتضي الامر الحكم بعدم دستوريته وان ذلك ينطبق على  قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994 الذي يبقي المدين المعسر والذي انهى مدة محكوميته الجزائية رهين الحبس دون نهاية فانه يشكل تعارضا مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في المواد المشار اليها اعلاه . اما بالنسبة الى الدفع الذي اورده المدعى عليه الاول رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته ، ان هذا القرار لا زال نافذا وان يهدف الى الحفاظ على المال العام ويحول دون استفادة المحكوم عليه من جريمته والدفع الذي اورده المدعى عليه الثاني رئيس مجلس الوزراء اضافة لوظيفته بالقول ان تنفيذ القرار (120) لسنة 1994 يعتبر عقوبة تبعية قضت بها محكمة الجنايات ، كما دفع بعدم اختصاص المحكمة الاتحادية العليا في نظر الدعوى بالطعن بالقرار المذكور اضافة الى دفعه بعدم توجه الخصومة اليه لانه لم يشرع القرار موضوع الطعن . وتجد المحكمة الاتحادية العليا ردا على دفع المدعى عليه الاول رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته من ان القرار موضوع الطعن هدفه الحفاظ على المال العام فان الحفاظ على حرمة المال العام التزام جاءت به المادة (27) من الدستور وانه يشمل كل من الدولة والمواطن فمؤسسات الدولة بالزمة بالحفاظ على الاموال العامة وحمايتها بوضع الاسس الكفيلة بكيفية التصرف بها للمصلحة العامة باجراءات محكمة وشفافة عن طريق تشريعات مقتدرة على سد منافذ الفساد ورقابة واعية نزيهة تحول دون الوقوع في الجريمة ، اما التزام المواطن باحترام وحماية الاموال العامة فان واجب المواطنة يلزمه بذلك واذا ما اعتدى على المال العام ومسه دون حق فان القانون كفيل بانزال العقوبة الجزائية عليه وتطبيق النصوص الواردة في قوانين التنفيذ باسترجاع ذلك المال ، ولايجوز توقيع العقوبة الجسدية عليه وبدون حدود – كما هو حكم القرار موضوع الطعن – لان ذلك يعد صورة من صور التعذيب النفسي والجسدي الذي حرمته المادة (37) من الدستور لذا قرر رد دفع المدعى عليه الاول رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته . اما دفع المدعى عليه الثاني رئيس مجلس الوزراء اضافة لوظيفته من ان  القرار رقم (120) لسنة 1994 هو عقوبة تبعية فان هذا الدفع مردود لان العقوبة التبعية واردة على سبيل الحصر في المواد (95-98) من  قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 وليس من بينها ما ورد في حكم  القرار(120) لسنة 1994 اما دفعه الاخر من ان المحكمة الاتحادية العليا غير مختصة بنظر الطعن الوارد على القرار (120) لسنة 1994 فيرد عليه بان النظر في الطعن المذكور هو من صلب اختصاصها الذي نصت عليه الفقرة (اولا) من  المادة (93) من الدستور وهو الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة . فقرر رد الدفع من هذه الجهة ، اما دفعه بعدم صحة توجيه الخصومة اليه في هذه الدعوى لانه ليس من شرع القرار موضوع الطعن ولا هو من حل محله ، فتجد المحكمة الاتحادية العليا صحة هذا الدفع لان الخصومة وبالمعنى الوارد في المادة (4) من  قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 غير متوفرة بالنسبة اليه فقرر قبول الدفع من هذه الجهة ، ولما تقدم ذكره من اسباب واسانيد مقدمة بعدم دستورية القرار موضوع الطعن في هذه الدعوى فانها تستند الى الاحكام الواردة في الدستور والمبينة في صلب هذا الحكم . وبناء عليه قررت المحكمة الاتحادية العليا عدم دستورية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994 والغاءه وتحميل المدعى عليه الاول رئيس مجلس النواب – اضافة لوظيفته المصاريف واتعاب محاماة وكلاء المدعي ومقدارها مئة الف دينار ، ورد دعوى المدعي عن المدعى عليه الثاني رئيس مجلس الوزراء – اضافة لوظيفته )