التطورات التشريعية في تنظيم الصناعة النفطية في العراق

( تشريع قانون شركة النفط الوطنية أنموذجا)

م. د رائد حمدان عاجب المالكي

وزارة النفط العراقية _ شركة نفط ميسان

 

الملخص :

صدرت تشريعات مختلفة لتنظيم هيئات وتشكيلات القطاع النفطي منذ بدء توجه المشرع لتنظيم الصناعة النفطية لغاية الان. ويمثل تشريع قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم 4 لسنة 2018 احد اهم التطورات التشريعية في مجال تنظيم الصناعة النفطية ، لأنه لم يقتصر على تطوير البناء الهيكلي لمؤسسات الصناعة النفطية الوطنية بل تضمن أيضا أحكاما مهمة بشأن توزيع موارد الثروة النفطية وأحكاما أخرى بشان تطوير الاقتصاد وتحقيق التنمية الاجتماعية ومعالجة الأضرار البيئية . 

 

Abstract :

        Various legislation has been issued to regulate the bodies and formations of the oil sector since the legislator began to regulate the oil industry so far. The legislation of the law of the Iraqi National Oil Company No. 4 of 2018 is one of the most important legislative developments in the field of the regulation of oil industry, because it not only to develop the structural structure of the national oil industry, but also important provisions on the distribution of resources of oil wealth and other provisions on the development of the economy and social development And address environmental damage.                                                                                            

المقدمة :

بالرغم من ان تأريخ الاهتمام بالصناعة النفطية في العراق يعود الى عهد السيطرة العثمانية، والفترة التي تلتها بعد وقوع العراق تحت الاحتلال البريطاني وثم تأسيس الدولة العراقية. الا ان اهتمام المشرع العراقي بتنظيم الصناعة النفطية برز بشكل واضح بعد عام 1959 انسجاما مع التحول السياسي الذي طرأ نتيجة الإطاحة بالنظام الملكي. حيث صدرت تشريعات مختلفة لتنظيم هيئات وتشكيلات القطاع النفطي منذ بدء توجه المشرع العراقي لتنظيم الصناعة النفطية وبداية عمل المؤسسات الوطنية في هذا المجال.

وكانت هيكلية القطاع النفطي وتركيبته تقوم بشكل رئيس على وجود وزارة النفط وما يرتبط بها ويقع تحت مظلتها من مصالح وشركات نفطية. ومع ذلك فقد برز وجود شركة النفط الوطنية كمؤسسة اقتصادية موازية اقترن اسمها بوزارة النفط منذ عام 1964 وهو تاريخ تأسيس الشركة بموجب القانون رقم 11 لسنة 1964 وحتى عام 1987 عندما صدر قرار مجلس قيادة الثورة ( المنحل) رقم 267 بالغاء الشركة ودمجها مع وزارة النفط.

وبعد التغيير الذي حصل عام 2003 أعيد التفكير مرة أخرى بتأسيس شركة النفط الوطنية العراقية، وبرز الموضوع بشكل واضح في مسودة قانون النفط والغاز المعدة سنة 2007، حيث تضمنت هذه المسودة إنشاء مؤسستين مهمتين هما : المجلس الإتحادي للنفط والغاز وشركة النفط الوطنية العراقية . وبالفعل فقد تم تاسيس هذه الشركة وفقا لقانونها الخاص رقم (4) لسنة 2018.

أهمية البحث :

ان تشريع قانون تاسيس شركة النفط الوطنية يعد تطورا مهما لا تقتصر تأثيراته على مجال الصناعة النفطية وتطورها فحسب، وانما على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. واذا كان ذلك يبرز جانب الاهمية والمبرر لدراسة هذا الموضوع فأنه لا يخفي المشكلة التي يتصدى البحث لدراستها والتي تبرز من ناحيتين: الاولى نظرية تتعلق بمكامن النقص في احكام قانون تأسيس شركة النفط الوطنية والتي لها تاثير على نشاط هذه المؤسسة المهمة وعلاقتها بالمؤسسات الأخرى في الدولة وبمدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها. ولان تشريع قانون الشركة جاء قبل تشريع قانون النفط والغاز مع ان المفروض حصول العكس.

والناحية الأخرى عملية، تتعلق بالمعوقات والتحديات التي تواجه عمل شركة النفط الوطنية من حيث قدرتها على ادارة واستغلال الثروة النفطية في البلاد هي والشركات المملوكة لها، وتأثير العوامل السياسية والاقتصادية عليها ومدى نجاحها في القيام بدورها في تطوير الصناعة النفطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

مشكلة البحث : 

       يتصدى بحثنا للإجابة عن بعض التساؤلات التي تؤلف بمجموعها مشكلة البحث، ومنها: ما مدى تأثير تشريع قانون شركة النفط الوطنية على تطوير الصناعة النفطية وتحقيق التنمية الاقتصادية في العراق ؟ وهل اخذ المشرع بنظر الاعتبار المشاكل والمعوقات التي تواجه عمل هذه المؤسسة في الأقاليم والمحافظات؟ وهل ان المزايا التي نص عليها المشرع في القانون كتوزيع جزء من واردات النفط على الشعب لها أهمية حقيقية ام انها مساهمة رمزية لا ترفع مستوى معيشة المواطن العراقي؟  وفي ضوء الإجابة على تلك التساؤلات يمكن الحكم على أهمية تأسيس شركة النفط الوطنية كأنموذج للتطور التشريعي الحاصل في العراق بعد عام 2003. 

نطاق البحث  ومنهجه :

        يقتصر بحثنا في موضوع التطورات التشريعية في تنظيم الصناعة النفطية في العراق على دراسة (تشريع قانون شركة النفط الوطنية ) بوصفه أنموذجا للتطور التشريعي الحاصل في العراق بعد عام 2003. حيث سيتم البحث في ابرز جوانب هذا الموضوع، وسنعتمد المنهج التحليلي الوصفي كونه الاوفق لدراسة الموضوع .

هيكلية البحث :

ولأجل تسهيل مهمة البحث سنقوم بتقسيمه وفق خطة علمية على ثلاثة مطالب : نخصص المطلب الأول لبحث تاريخ عمل المؤسسات الوطنية العراقية في الصناعة النفطية. والمطلب الثاني لبحث المركز القانوني لشركة النفط الوطنية ، اما المطلب الثالث فسنخصصه لبحث ملامح التطور ومكامن النقص في قانون شركة النفط الوطنية العراقية.

المطلب الأول :التأصيل التأريخي لعمل المؤسسات الوطنية العراقية في الصناعة النفطية :

يعود تأريخ الاهتمام بالصناعة النفطية في العراق الى عهد السيطرة العثمانية، حيث اتجه اهتمام السلطات العثمانية وولاتها في العراق وبالتعاون مع جهات اجنبية نحو بذل جهود لاستخراج النفط وتطوير بعض الصناعات المرتبطة به. وبعد وقوع العراق تحت الاحتلال البريطاني وبالرغم من تأسيس الدولة العراقية الحديثة ووضع دستور 1925، فقد بات مصير الثروة النفطية والصناعات المرتبطة بها بيد الجهات الاجنبية المتنفذة . وقد برز اهتمام المشرع العراقي بتنظيم الصناعة النفطية بشكل واضح بعد عام 1959 انسجاما مع التحول السياسي الذي طرأ نتيجة الإطاحة بالنظام الملكي. ومنذ ذلك الوقت توالت القوانين والانظمة والتعليمات والقرارات التشريعية المنظمة لعمل القطاع النفطي العراقي الذي اصبح قطاعا حكوميا بالكامل. ويحسن بنا ان نقدم نظرة عامة على تاريخ العمل في الصناعة النفطية وعن تاريخ عمل المؤسسات الوطنية فيها ، وذلك من خلال الاتي: 

الفرع الأول : نظرة عامة على تاريخ العمل في الصناعة النفطية في العراق :

رافق تأسيس الدولة العراقية وضع الأنشطة المتعلقة باستكشاف النفط وإنتاجه بيد مؤسسة لا يملك فيها العراق في الواقع الا الاسم، وهذه المؤسسة هي " شركة نفط العراق " التي يملك معظم أسهمها جهات وشركات أجنبية وكانت تسمى قبل عام 1929 بـ (شركة النفط التركيTPC )([1]).

وقد أنشئت TPC كشركة غير ربحية، مسجلة في بريطانيا، لإنتاج النفط الخام مقابل رسم لصالح الشركاء المالكين لها، حسب حصصهم. الشركة كان مسموحاً لها بتكرير وبيع النفط فقط للسوق المحلية بالعراق، لتجنب أي منافسة مع الشركات المالكة.  

وحصلت الـ TPC على امتياز للتنقيب عن النفط في 1925، مقابل وعد بأن تحصل الحكومة العراقية على رسم ملكية لكل طن من النفط المستخرج، ولكن ذلك الرسم كان مربوطاً بأرباح الشركة ولا يـُدفع في أول عشرين سنة. بدأ الحفر على الفور، وفي 15 أكتوبر 1927 اكتـُشِف النفط في بابا قرقر شمال كركوك مباشرة. وقد انسابت أطنان من النفط على الأرض قبل السيطرة على البئر المنبثقة، وكان ذلك إشارة لوجود حقل نفط ضخم وعالي القيمة([2]).

وسرّع الاكتشاف المفاوضات الجارية حول نسب الشركاء في شركة النفط التركية، وفي 31 يوليو 1928 وقـّع المساهمون اتفاقية رسمية تسمى اتفاقية الخط الأحمر. والمساهمون كانوا: شركة النفط الأنگلو-فارسية (التي أصبحت في 1935 شركة النفط الأنگلو-إيرانية (AIOC) وفي 1954 أصبح اسمها بريتش پتروليوم)، رويال دتش/شل، الشركة الفرنسية للبترول (CFP، التي أصبحت في 1991 توتال)، وشركة تنمية الشرق الأدنى (وهي كونسورتيوم من خمس شركات نفط أمريكية كبرى، منهم ستاندرد أويل) وحصل كل منهم على حصة 23.7% من الأسهم، وحصل كالوست گولبنكيان على الـ 5%  المتبقية.

وبالرغم من ان مؤتمر سان ريمو اقر بأن يُسمح للعراقيين بتملك 20% من الشركة إذا أرادوا أن يستثمروا فيها، إلا أن شركات النفط نجحت في مقاومة الجهود العراقية للمشاركة، بالرغم من ضغوط من الحكومة البريطانية لقبول مساهمين عراقيين([3]).

وفي 1929 تغير اسم شركة النفط التركية TPC إلى "شركة نفط العراق (IPC). واستمرت في ترسيخ أقدامها في العراق والسيطرة على إنتاج النفط فيه وتأسيس شركات تابعة لها بالتزامن مع توسع نشاطها خارج العراق وبالرغم من محاولة الحكومة العراقية الوصول بالبلاد إلى المنافسة، اذ حصلت الشركة على امتياز جديد في الموصل سنة 1932 تحت اسم شركة نفط الموصل، تم إدراجها كواحدة من مجموعة الشركات المرافقة لـ"شركة نفط العراق". كما حصلت الشركة على حقوق امتياز في جنوب العراق عام 1938، وتأسست شركة نفط البصرة كفرع مملوك لها بالكامل لتطوير المنطقة الجنوبية في العراق([4]).

وبعد عام 1950 وبالتزامن مع التطورات السياسية في المنطقة خاصة ما يتعلق بأساليب التعامل مع الاحتكارات الأجنبية للصناعة النفطية ، تسارعت خطوات الحكومة العراقية باتجاه تقليص الامتيازات الممنوحة للشركات الأجنبية وصولا الى تأسيس شركات وطنية وتأميم الصناعة النفطية. وقد بدأت هذه الخطوات بـطلب الحكومة زيادة كمية النفط الخام المستخرج، وإشراك المزيد من العراقيين في عملية إنتاج النفط والحصول على المزيد من الحقوق. وفي عام 1951، تم التفاوض على شروط أكثر سخاءاً للحكومة العراقية. واعتمدت هذه الشروط بشكل كبير على شروط أكثر ربحاً تم إدراجها اتفاقية أرامكو-السعودية في ديسمبر 1950، وبالفعل فقد تم عقد اتفاقية بين الحكومة العراقية وشركة نفط خانقين نصت على حصر بيع المنتجات النفطية بيد الدولة اعتبارا من الأول من كانون الثاني لسنة 1952 ، وازدادت المطالبات بتعديل امتيازات العراق وتم عقد اتفاقية مناصفة الأرباح بين الحكومة العراقية وشركات النفط الثلاث (العراق والموصل والبصرة) وقد منح العراق حق الحصول على نصف الأرباح المتحققة ، وان لا تقل حصته عن مبلغ يعادل ربع إجمالي إنتاج الشركات ( نفط العراق ونفط الموصل ) وعن ثلث إنتاج شركة نفط البصرة ([5]).

وبعد سقوط النظام الملكي عام 1958 لم تعد مزايا إنتاج النفط الذي تقوم به الشركات الأجنبية تنسجم مع متطلبات الوضع الجديد ولذا قام رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم بتشريع القانون رقم 80 لسنة 1961 الذي بموجبه حدد عمل الشركات الأجنبية بالحقول التي كانت تعمل بها دون السماح لها باكتشاف حقول جديدة.

وفي 8/ 2/ 1964 صدر القانون رقم 11 متضمنا تأسيس منشأة عراقية وطنية سميت ((شركة النفط الوطنية العراقية (( تتمتع بالشخصية المعنوية ويديرها مجلس إدارة من (9) أعضاء بما فيهم الرئيس ونائبه مضافا الى مدير عام للشركة وترتبط بوزير النفط فيما يتعلق بتنفيذ السياسة النفطية العامة للدولة([6]) .

ثم صدر قانون تخصيص مناطق الاستثمار لشركة النفط الوطنية العراقية رقم 97 لسنة 1967 ونص في مادته الأولى على ان : (( تخصص وتمنح لشركة النفط الوطنية العراقية حصرا بموجب أحكام هذا القانون حقوق استثمار النفط والمواد الهيدروكربونية في جميع الأراضي العراقية بما في ذلك المياه الإقليمية وجرفها القاري والمصالح العراقية في منطقة       الحياد ...)). واستثنى نص المادة اعلاه (( المناطق المعينة بموجب قانون تعيين مناطق الاستثمار رقم 80 لسنة 1961)) وهي مناطق عمل الشركات الاجنبية ( شركة نفط العراق (IPC .

وقد تلا ذلك مباشرة صدور قانون جديد لشركة النفط الوطنية هو القانون رقم (123 ) لسنة 1967 ونشر في جريدة الوقائع بالعدد ( 1474 في 12/ 9/ 1967 ) وقد منحها مركزا اقوى من ذي قبل فقد اصبحت تدار من مجلس ادارة يرأسه رئيس بدرجة وزير ولمدة خمس سنوات ويعين بمرسوم جمهوري، ومنحت حق استثمار المناطق المخصصة لها بموجب قانون تخصيص مناطق الاستثمار رقم 97 لسنة 1967. وحق تشكيل شركات مملوكة لها ، ولم تكن الشركة خاضعة او مرتبطة بوزير النفط إنما أعطي الوزير صلاحية الإشراف على تنفيذ السياسة النفطية العامة للدولة([7]) .

وفي في المدة من عام 1972 الى عام 1975 صدرت قرارات وطنية بتأميم مجموعة شركات نفط العراق المحدودة (IPC) وحصص شركات اخرى. وهكذا تحول نشاط القطاع النفطي بالكامل الى المؤسسات الوطنية والمتمثلة بشكل خاص بشركة النفط الوطنية العراقية وتشكيلات وزارة النفط .

الفرع الثاني : تاريخ عمل المؤسسات الوطنية العراقية في الصناعة النفطية :

يعود تاريخ وجود الهيئات الوطنية المختصة بشؤون النفط الى عام 1950  عندما تقرر استحداث مديرية جديدة ضمن وزارة الاقتصاد باسم ( المديرية العامة لشؤون النفط) وقد تزامن ذلك مع التوسع الكبير في عمليات شركة نفط العراق وزيادة انتاجها، تبعها انشاء مصلحة حكومية لمصافي النفط سنة 1952 واخرى لتوزيع المنتجات النفطية سنة 1959.

ولم يتم تشكيل وزارة النفط الا في 14 تموز 1959 فالحقت المديرية العامة لشؤون النفط ومصلحتي المصافي وتوزيع المنتجات النفطية بالوزارة لتباشر القيام بمسؤولياتها وذلك بعد ان توسعت عمليات شركات نفط العراق والبصرة والموصل بصورة كبيرة. فقد بلغ انتاج النفط لتلك الشركات مئات الألوف من البراميل باليوم ليتم تصديره الى الأسواق العالمية عن طريق موانئ البحر الأبيض المتوسط والخليج .

وضمت الوزارة بعد تشكيلها عددا من المؤسسات والدوائر والشركات ، حيث ضمت في عام 1964 كل من المنشأة العامة للمشاريع النفطية ومصلحة توزيع الغاز المسال ، وشركة النفط الوطنية العراقية. وفي سنة 1972 انضمت الى تشكيلات الوزارة المنشأة العامة لناقلات النفط العراقية والشركة العراقية للعمليات النفطية .

وهكذا أصبحت وزارة النفط الجهة المعنية بشؤون النفط واستغلال هذه الثروة، مع الاشارة الى ان ( شركة النفط الوطنية العراقية ) استقلت عن الوزارة سنة 1967 بعد صدور قانونها رقم (123) لسنة 1967 وبقيت تعمل كشركة مستقلة الى ان صدر قرار من مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 267 لسنة 1987 يقضي بدمج شركة النفط الوطنية العراقية بمركز وزارة النفط والغاء هذه الشركة وكل من المنشأة العامة لنفط الوسط والمؤسسة العامة لنفط الشمال والمؤسسىة العامة لنفط الجنوب التابعة لشركة النفط الوطنية . واستحدث بدلا منها شركتين هما ( شركة نفط الشمال ) ونقلت لها حقوق والتزامات ومسؤوليات شركة نفط الشمال والمنشأة العامة لنفط الوسط الملغاة. وشركة نفط الجنوب ونقلت اليها حقوق والتزامات ومسؤوليات ومناطق عمل المؤسسة العامة لنفط الجنوب الملغاة.

وحلت هاتين الشركتين محل شركة النفط الوطنية في مجال استخراج النفط ، وأصبحت الصلاحيات التي كان يمارسها مجلس ادارة شركة النفط الوطنية بيد وزير النفط وحل الوزير محل مجلس الإدارة أينما ورد ذكره في التشريعات([8]), ثم صدر قرار مجلس قيادة الثورة                 ( المنحل) رقم 79 لسنة 1995 الذي نص على ان ((تسري على وزارة النفط وتشكيلاتها كافة التشريعات الخاصة بشركة النفط الوطنية العراقية (الملغاة)([9]).

ومنذ ذلك الحين بقيت وزارة النفط تدير عمليات إنتاج النفط والصناعة النفطية من خلال الشركات التابعة لها والمرتبطة بها وقد تم تأسيس شركة نفط الوسط وشركة نفط ميسان سنة 2008 وثم شركة نفط ذي قار.

وقد حصل تطور وتحول كبير في نشاط القطاع النفطي العراقي بعد توقيع عقود جولات التراخيص البترولية مع الشركات الأجنبية.

المطلب الثاني :المركز القانوني لشركة النفط الوطنية :

توضح الأحكام التي تضمنها قانون شركة النفط الوطنية رقم 4 لسنة 2018 مركز هذه المؤسسة المهمة من حيث تكوينها وطبيعة ونطاق نشاطها وعلاقتها بالحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم. وهي تتضمن تطورا في البناء الهيكلي والوظيفي لمؤسسات الدولة العراقية، ويمكن توضيح ذلك من خلال دراسة تكوين الشركة وعلاقتها بهيئات الدولة وسلطاتها ووفقا للاتي: 

 

الفرع الأول : تكوين شركة النفط الوطنية العراقية :

اولا : الأساس القانوني لتأسيس شركة النفط الوطنية العراقية :

تطرق الدستور العراقي إلى ذكر بعض الهيئات الدستورية المستقلة ذات الصفة القضائية أو التنفيذية أو الاقتصادية أو الرقابية مثل ( المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة ومجلس الدولة والمحكمة الاتحادية والبنك المركزي العراقي وغيرها) وبين جهة ارتباط بعض هذه الهيئات بهيئات السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية .

ولم يرد في الدستور ذكر " شركة النفط الوطنية العراقية " كمؤسسة مستقلة وجهة غير مرتبة بوزارات الدولة لكن ذلك لا يمنع من تشكيل وتأسيس هذه المؤسسة الاقتصادية استنادا إلى بعض النصوص الدستورية ومنها([10]):

  1. نص المادة (108) من الدستور التي نصت على جواز: استحداث هيئات مستقلة إضافة إلى الهيئات المنصوص عليها في الدستور وحسب الحاجة والضرورة واشترطت أن يتم ذلك بقانون، ويمكن اعتبار " شركة النفط الوطنية العراقية " هيئة مستقلة تمارس نشاطا تنفيذيا ذا طبيعة اقتصادية وارتباطها بمجلس الوزراء لا يخل بمركزها كهيئة مستقلة لان الدستور نص على ارتباط بعض الهيئات المستقلة أيضا بمجلس الوزراء وبعضها الآخر بمجلس النواب.
  2. نص المادة (80) التي حددت صلاحيات مجلس الوزراء الاتحادي فجعلت منها ((أولا: تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة، والخطط العامة، والإشراف على عمل الوزارات، والجهات غير المرتبطة بوزارة)). وإنما يتسنى لمجلس الوزراء تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة من خلال امتلاكه لأدوات تنفيذ الساسة ومن اهمها تأسيس تشكيلات متخصصة لهذا الغرض وبالتالي يمكن له أن يؤسس شركة وطنية تأخذ على عاتقها تنفيذ السياسة العامة للدولة في مجال الصناعة النفطية، وحيث إن استحداث مرفق عام بهذا الحجم يتطلب صدور قانون لذا فمن حق مجلس الوزراء ان يقترح على مجلس النواب تشريع قانون بذلك .
  3. من الناحية القانونية فان تأسيس الشركة يستند الى قانونها الخاص المشرع من قبل مجلس النواب العراقي بتاريخ 2018([11]). فهي شركة مؤسسة بقانون خاص وليس استنادا الى قرار يصدر من مجلس الوزراء طبقا لقانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 المعدل كما هو المعمول به بالنسبة لتأسيس الشركات العامة.

ثانيا : هيكلية شركة النفط الوطنية العراقية :

بين المشرع الهيكل التنظيمي للشركة حيث يتكون مجلس إدارتها من كل من : رئيس الشركة رئيس رئيساً لها ونائبين للرئيس ( نائب اول وثاني) ومن وكيل وزارة النفط لشؤون الاستخراج عضوا ووكيل وزارة الثروات الطبيعية بالاقليم عضوا، وثلاثة خبراء متخصصون، وثلاثة أعضاء يتم اختيارهم من رؤوساء مجالس إدارات الشركات المملوكة على ان يكون رئيس مجلس إدارة شركة نفط البصرة وشركة تسويق النفط الوطنية من بينهم، ويتم اختيار العضو الثالث من بين الشركات الاستخراجية المملوكة وحسب حجم الإنتاج وبشكل دوري لمدة عام واحد وبترشيح من الرئيس، ولرئيس الشركة وبموافقة مجلس الإدارة زيادة تمثيل الشركات المملوكة في مجلس الإدارة الى خمسة أعضاء كحد اعلى([12]). ويرأس الشركة موظف بدرجة وزير حاصل على شهادة جامعية أولية في الأقل ومن ذوي الخبرة والاختصاص في مجال الطاقة وله خدمة لا تقل عن (25) عاما في اختصاصات تؤهله لإدارة الشركة. ويقوم بإدارة الشركة وتمثيلها امام الغير وتنفيذ مقررات المجلس والإشراف على رسم وتنفيذ سياسة الشركة وعملياتها وتناط به مباشرة مسؤولية الأشراف على شركة تسويق النفط الوطنية. ويعين وفقا للدستور لمدة (5) سنوات([13]).

وتتكون هيكلية الشركة من التشكيلات المرتبطة بمركزها وبحسب ما يحدده النظام الداخلي، وترتبط بها الشركات المملوكة التالية: (( شركة الاستكشافات النفطية ، شركة الحفر العراقية ، شركة نفط البصرة ، شركة نفط الشمال،  شركة نفط ميسان ، شركة نفط الوسط ، شركة نفط ذي قار، شركة تسويق النفط (سومو) ،شركة الناقلات العراقية((  ولمجلس إدارة الشركة بموافقة مجلس الوزراء استحداث أي تشكيل آخر وفقا للقانون ، وله إلحاق أي تشكيل بالشركة بناء على اقتراح المجلس وبموافقة وزير النفط ومجلس الوزراء([14]).

ثالثا : طبيعة نشاط شركة النفط الوطنية العراقية :

توصف الشخصية القانونية للأشخاص المعنوية الاعتبارية كالمنظمات والشركات بأنها شخصية وظيفية محددة بالغرض الذي وجدت من اجله، واهم نتيجة تترتب على ذلك هو ان تصرفات الشركات المالية وغيرها تكون مقيدة بنشاطها وبما يرتبط بتحقيق هذا النشاط. وعلى هذا الأساس تختلف وظائف وسلطات الشركات باختلاف طبيعة أنشطتها الاقتصادية . فما هي طبيعة نشاط شركة النفط الوطنية العراقية وما هو نطاق عملها .

لقد حدد المشرع العراقي في قانون الشركة رقم (4) لسنة 2018 طبيعة نشاطها ومجال عملها فجعله شاملا لعدة جوانب فيما يرتبط بالصناعة النفطية واستغلال ثروة النفط والغاز، ويشمل ذلك على وجه الخصوص([15]):

  • النشاط المتعلق باستكشاف النفط والغاز
  • انتاج النفط والغاز وتأهيل وتطوير المنشات الإنتاجية
  • تسويق النفط والغاز داخليا وخارجيا
  • الاستثمار في الصناعة التحويلية النفطية والغازية

لقد كان كل واحد من هذه المجالات الاربع يمارس من قبل شركة مستقلة تابعة الى وزارة النفط، فالنشاط الاستكشافي كان يمارس من قبل شركة الاستكشافات النفطية، والنشاط الاستخراجي تقوم به الشركات الاستخراجية ، ونشاط التسويق تقوم به شركة تسويق النفط (سومو) وكذلك الصناعة التحويلية تقوم بها شركات مختصة في وزارة النفط وحتى خارجها كشركة المصافي وغيرها .

اما في ظل قانون شركة النفط الوطنية الجديد فقد تم توسيع نشاط الشركة ليشمل كل هذه النشاطات المختلفة، ولم يعد بإمكان قيام شركات اخرى تابعة للدولة لممارسة تلك الأنشطة باستثناء انتاج الغاز وتصفيته والاستثمار في مجال الصناعة التحويلية لان القانون لم ينص على دمج شركات الغاز ضمن الشركات المملوكة لشركة النفط الوطنية العراقية. وكذلك لا يوجد ما يمنع من قيام مؤسسات اقتصادية أخرى عامة او خاصة بالاستثمار في مجال الصناعة التحويلية.  

اما بالنسبة للنطاق المكاني لعمل الشركة، فقد نص القانون على ان تمارس الشركة أعمالها في ((... جميع أراضي جمهورية العراق ومياهه الإقليمية وجرفه القاري وخارج العراق نيابة عن الدولة العراقية))([16]).

ويتضح من النص اعلاه ان نشاط الشركة يشمل جميع اراضي العراق اي انه يشمل كل الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم ، كما يشمل المياه الإقليمية والجرف القاري([17]). ولاجل ممارسة اعمالها للشركة بالاضافة الى مركزها في بغداد فتح فروع في المحافظات المنتجة ومكاتب داخل العراق بطلب من رئيسها وموافقة مجلس الإدارة، كما لها ان تفتح فروع او مكاتب خارج العراق بعد مصادقة مجلس الوزراء([18]).

الفرع الثاني : علاقة الشركة بالحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية والمحلية :

الشركة هي هيئة مستقلة ذات طبيعة اقتصادية شأنها شأن البنك المركز العراقي، تتمتع بالشخصية القانونية للأغراض المتعلقة بنشاطها المحدد بموجب القانون وبالتالي فهي تنتمي الى مجموعة الهيئات المستقلة المذكورة في الدستور.

اولا: علاقة الشركة بالحكومة الاتحادية :

ومن حيث الارتباط وبحكم طبيعة نشاطها التنفيذي الاقتصادي فهي ترتبط بمجلس الوزراء وكما صرح بذلك قانون الشركة في المادة (2) منه, وقد مُنح مجلس الوزراء سلطات تنظيمية ورقابة وإدارية على الشركة . منها :

  1. وجوب موافقة مجلس الوزراء على تأسيس شركات مملوكة جديدة لشركة النفط الوطنية وتمويلها لتنفيذ أعمالها على أساس الجدوى الاقتصادية والمالية والمجتمعية.
  2. وجوب موافقة مجلس الوزراء على مقترح مجلس ادارة الشركة زيادة رأس مالها وحسب الحاجة.
  3. موافقة مجلس الوزراء على قرار الشركة الإقتراض من أي جهة داخل وخارج العراق لتمويل إستثماراتها.
  4. مصادقة مجلس الوزراء على مرشحي الشركة لشغل منصب النائب الأول والثاني وفق السياقات القانونية.
  5. مصادقة مجلس الوزراء على تعيين ثلاثة خبراء بدرجات خاصة من المختصين بالصناعة النفطية والتخصصات ذات العلاقة لعضوية مجلس الإدارة يرشحهم الرئيس ويصادق عليهم مجلس الوزراء وفق السياقات القانونية.
  6. المصادقة على موازنة الشركة والحساب الختامي لها.
  7. تلتزم الشركة بالسياسة النفطية للدولة التي يضعها مجلس الوزراء ويوافق عليها مجلس النواب.

    وباعتبارها هيئة مستقلة ولان نشاطها ذو طبيعة تنفيذية اقتصادية ولانها مسؤولة عن تنفيذ سياسة الدولة في المجال الاقتصادي ( الصناعة النفطية ) فانها تخضع لرقابة السلطة التشريعية وتحديدا مجلس النواب العراقي التي تمتد الى جميع الهيئات التابعة للسلطة التنفيذية او التي تمارس أنشطة تنفيذية تطبيقا لنص المادة (61) من الدستور.

    واما علاقتها بوزارة النفط الاتحادية، فالواضح ان وزارة النفط تبقى هي الجهة المسيطرة على ملف رسم السياسة النفطية وان كانت شركة النفط الوطنية تشترك في ذلك ايضا ، ولذا منحت وزارة النفط سلطة ضمنية للاعتراض على قرارات الشركة امام مجلس الوزراء فقد نص قانون الشركة رقم 4 لسنة 2018 على انه ((اولا : تلتزم الشركة بالسياسة النفطية للدولة . ثانيا : في حالة قناعة وزير النفط بوجود حيد في قرار مجلس إلادارة، فان من حق الوزير تقديم مقترح الى مجلس الوزراء لاجراء تغييرات معينة على القرار ويكون قرار مجلس الوزراء ملزم لمجلس الإدارة ))([19]), ويفهم من ذلك ارجحية سلطة الوزارة على الشركة في موضوع رسم السياسة النفطية خاصة وان وزير النفط يتمتع بعضوية مجلس الوزراء خلافا لرئيس الشركة الذي منح درجة الوزير لكنه ليس عضوا في المجلس، ولذا يمكن لوزير النفط اقناع مجلس الوزراء برأي وزارته في ظل غياب ممثل الشركة .

  والحقيقة ان موضوع علاقة الشركة بوزارة النفط على قدر كبير من الأهمية لأنهما يتشاطران ادارة نشاط واحد ، وكان يفترض معالجة هذا الموضوع بعناية اكبر ومنحمها سلطة عقد اتفاقات بينية وتفويض الاختصاصات بموافقة مجلس الوزراء لخلق مرونة اكبر تستجيب للمشاكل والحاجات التي تبرز اثناء العمل([20]).

ثانيا : علاقة الشركة بالحكومات الإقليمية والمحلية :

اما علاقة شركة النفط الوطنية بالسلطات الإقليمية (الأقاليم) والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، فلم يرد في قانون الشركة توضيح بشأنها سوى انه نص على منح الإقليم تمثيل في مجلس إدارة الشركة من خلال منح العضوية فيه لوكيل وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم([21]). وكذلك دعوة رؤساء لجان الطاقة في برلمانات الأقاليم ومجالس المحافظات المنتجة([22]).

        ولعل السبب في ذلك وهو ما نؤيده أبعاد هذه المؤسسة الاقتصادية عن الخلافات ولوجود (المجلس الاتحادي للنفط والغاز) المنصوص عليه في مسودة قانون النفط والغاز حيث يعطي الجميع تمثيلا فيه وهو المحل المناسب لذلك. 

وقد عارضت بعض المحافظات توجه المشرع بعدم منحها تمثيلا قويا في شركة النفط الوطنية معتبرة ذلك مخالفة صريحة لنصوص الدستور المتعلقة باشراك المحافظات غير المنتظمة في اقليم بادارة الثروات النفطية وخاصة ما ورد في المادتين (111) و (112) من الدستور واتجهت الى رفع دعاوى امام المحكمة الاتحادية للطعن بدستورية قانون شركة النفط الوطنية. 

ويلاحظ ان تأسيس شركة النفط الوطنية لا يعتبر تطبيقا مباشرا لنص المادتين (111) و(112) من الدستور العراقي، لان نص المادة (111) تحدث عن ملكية الشعب العراقي للنفط والغاز في جميع الأقاليم والمحافظات. اما نص المادة (112) فكان بصدد تحديد الجهات المختصة بإدارة عملية استغلال ثروة النفط والغاز، ورسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطويرها. وهي كل من الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم المنتجة للنفط والغاز. مضافا الى تحديد آلية توزيع واردات تلك الثروة بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب العراقي([23]).

وتطبيق هاتين المادتين يفترض ان يتم من خلال تشريع (( قانون النفط والغاز الاتحادي)) وهو من القوانين الاساسية ذات الاهمية الكبرى في تنظيم العلاقة بين مكونات النظام الاتحادي للدولة العراقية ، وقد تأخر تشريعه بالرغم وضع مسودة القانون منذ سنة 2007 بسبب الخلاف بين الحكومة الاتحادية حكومة اقليم كردستان على مجمل عملية استغلال النفط والغاز سواء بالنسبة الى انتاجه او تصديره او اقتسام عائداته ، وقد عزز هذا الخلاف سوء صياغة النصوص الدستورية خاصة نص المادة (112) وتضمنها عبارات تثير الخلاف بشأن مضمونها([24]) .

المطلب الثالث :ملامح التطور ومواضع النقص في قانون شركة النفط الوطنية العراقية :

ينطوي قانون شركة النفط الوطنية على جوانب ايجابية مرتبطة أساسا بتأسيس الشركة وأهمية هذه المؤسسة للصناعة النفطية ولتطوير الاقتصاد العراقي، كما انه يتضمن نقاط سلبية مرتبطة بسوء الصياغة التشريعية للنصوص وتضمنها معالجات ناقصة وغامضة لبعض الموضوعات المهمة على مستوى تنظيم الشركة ونشاطها. وفيما يلي توضيح لملامح التطور ومواضع النقص في قانون شركة النفط الوطنية العراقية.

الفرع الأول  : ملامح التطور في قانون شركة النفط الوطنية العراقية :

اختلفت اراء المختصين والكتاب بشأن أهمية تأسيس شركة النفط الوطنية بموجب القانون رقم 4 لسنة 2018، وتعددت الجوانب التي عرض من خلالها المدافعون عن أهمية هذه الخطوة رأيهم بشأن الموضوع، فمنهم من ركز على إبراز البعد الاقتصادي ومنهم من ركز على الجانب التنظيمي والإداري ومنهم من استحسن الفوائد الاجتماعية التي تضمنتها أحكام قانون تأسيس الشركة. 

أولا: الأبعاد الاقتصادية لتأسيس شركة النفط الوطنية  :

يصنف العراق على انه من البلدان الريعية حيث يعتمد اقتصاده على مصدر رئيس متمثل بعوائد تصدير النفط الخام في مقابل تخلف القطاعات الأخرى الإنتاجية عن المساهمة في موارد الموازنة العامة([25]), وفي مثل تلك الحالة لا يرجى لدولة محطمة مثل العراق أن تنهض وينمو اقتصادها من دون تعظيم الموارد الإنتاجية وتنمية القطاعات الأخرى خاصة الصناعة والزراعة لتجنب تقلبات الاسعار وانخفاضها ولتوفير فرص عمل للعاطلين. وفي هذا الصدد فان تأسيس شركة النفط الوطنية ومنحها الحق في استثمار فائض مواردها في الصناعات التحويلية المرتبطة بالنفط والغاز سيعظم من واردات العراق وعوائده من النفط الخام خاصة اذا نظرنا إلى تعدد الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز.

ومن جهة أخرى يملي الواقع الاقتصادي الحالي الاتجاه نحو التكتل وبناء مؤسسة كبيرة تتولى استغلال ثروة النفط والغاز، فقد شهدت الصناعة النفطية مطلع القرن الحادي والعشرين متغيرات وتحولات عديدة تمثلت بظاهرة الاندماج والتي تمخض عنها انشاء شركات نفطية عملاقة وعابرة للحدود ، ونتج عن ذلك بروز شركات قليلة من حيث العدد ولكنها اقوى واكبر من حيث الفاعلية والتأثير ، ولان اندماج الشركات يحقق رؤية مستقبلية واستراتيجية بعيدة المدى تنتج امتداد جغرافي وامكانيات مالية وخبرات بشرية وتقنيات([26]), لذا فان الحاجة تبرز بقوة الى انشاء مؤسسة كبيرة يناط بها استغلال ثروة النفط والغاز وتطوير الصناعة النفطية والتحويلية تشكل رقما مهما بامكانياتها وحجم انتاجها على الصعيد الاقليمي والعالمي. 

ومن ناحية تطوير القطاعات الاخرى ، فقد راعى المشرع في قانون شركة النفط الوطنية عدم تأثير النشاط المرتبط بالصناعة النفطية عليها خاصة الزراعة فنص في المادة (18) من القانون على ان ((للشركة ان تساهم في تنمية القطاع الزراعي والصناعي والخدمي على ان تشمل نشاطاتها انحاء العراق خدمة للعراقيين كافة))([27]),وبشأن القطاع الزراعي على وجه الخصوص نص على ان ((تلتزم الشركة ان تكون جميع المحرمات من الأراضي الواقعة تحت تصرفها منتجة اما لأغراضها المتعلقة بالقطاع او ان تخصص لمشاريع زراعية او صناعة تحويلية بسيطة لا تعيق عمل القطاع، او خدمية او سياحية او ترفيهية))([28]).

وتكمن اهمية ذلك في ان عمل الشركات النفطية في السابق اعاق كثيرا النشاط الزراعي وتسبب باضرار كبيرة له نتيجة منع الفلاحين من استغلال اراضيهم الواقعة في محرمات الأنابيب والحقول النفطية والغازية ، ولم تكن جميع تلك الاراضي مستغلة فعليا للانتاج النفطي وانما فقط لكونها محرمات نفطية يمنع استغلالها استنادا لاحكام قانون الحفاظ على الثروة الهيدروكربونية رقم 84 لسنة 1985([29]).

ولذا حسنا فعل المشرع في قانون شركة النفط الوطنية عندما الزم الشركة بان تكون جميع المحرمات من الأراضي الواقعة تحت تصرفها منتجة اما لأغراضها المتعلقة بالقطاع او ان تخصص لمشاريع زراعية او صناعة تحويلية بسيطة لا تعيق عمل القطاع، لما لذلك من مردودات اقتصادية كبيرة ابرزها تنشيط القطاعات الأخرى لتحقيق موارد إضافية .  

اما على الصعيد الاداري فقد امتدح بعض الكتاب فصل شركة النفط الوطنية عن وزارة النفط على اعتبار ان ذلك من شانه ان يسهم في تخليص عمليات الانتاج والنقل والتسويق من بيروقراطية الوزارة التي تسببت في ارباك وتأخير هذا القطاع منذ ادمجت بالوزارة في عهد النظام السابق، فقد جعلها القانون الحالي مستقلة ماليا وإداريا ومرتبطة بمجلس الوزراء([30]).

ثانيا: المردودات الاجتماعية لتأسيس شركة النفط الوطنية :

راعى المشرع العراقي في تشريع قانون شركة النفط الوطنية تحقيق مردودات وفوائد اجتماعية متعددة، مستهدفا بذلك التأكيد على حقيقة ملكية الشعب لثروته واستفادته مما أودعه الله في ارض العراق من خامات ومعادن .

ويمكن تلمس هذه الحقيقة في بعض نصوص القانون رقم 4 لسنة 2018 ، فقد نصت المادة ( 18) منه على ان(( للشركة المساهمة في تطوير الحياة المجتمعية والتنمية البشرية والاقتصادية وإنشاء النوادي الرياضية في المناطق التي تعمل بها، وتأخذ ذلك بنظر الاعتبار عند إعداد برامج أعمال الشركة وموازناتها السنوية)) وكجزء من اهتمامها بتوفير فرص العمل اوجب المشرع على الشركة الالتزام بسياسة (( عدم التميز الجنسي والطائفي والعرقي والقومي في التوظيف والتشغيل ودعم حقوق العاملين المشروعة))([31]).

كما ان القانون وتطبيقا لنص المادة (111) من الدستور والتي تنص على ان النفط والغاز ملك للشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات، خصص نسبة من الارباح لـ)صندوق المواطن( حيث توزع على أسهم متساوية القيمة لجميع المواطنين المقيمين في العراق، وحسب الاولوية لشرائح المجتمع، ولا يجوز بيع وشراء او توريث الأسهم وتسقط عند الوفاة.وعلى ان توزع أسهم العراقيين المقيميين في الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بأقليم التي تمتنع عن تسليم عائدات النفط والغاز المنتج الى الشركة على باقي المساهمين.

كما خصص نسبة من الأرباح ل)صندوق الأجيال(، وبهدف الاستثمار لصالح الأجيال. ونسبة من الأرباح تخصص لـ( صندوق الاعمار) بهدف تنفيذ مشاريع إستراتيجية في المحافظات التي يمارس فيها نشاط نفطي للشركة. ويصدر مجلس ادارة الشركة التعليمات لتنفيذ ذلك بموجب النظام الداخلي([32]).

الفرع الأول : ابرز الملاحظات على قانون شركة النفط الوطنية العراقية :

يمكن الإشارة إلى عدة ملاحظات على تشريع قانون شركة النفط الوطنية سواء ما يتعلق منها بصياغة القانون او الأحكام التي تضمنها والموضوعات التي عالجها ووفقا للاتي:

اولا : الوضع القانوني للشركات المملوكة :

نص قانون الشركة في المادة (7/ثانيا/خامسا) منه على فك ارتباط الشركات الاستخراجية وربطها بشركة النفط الوطنية باعتبارها شركات مملوكة للشركة الوطنية وبدون بدل، ونقل كافة حقوق والتزامات الوزارة المتعلقة بالشركات المملوكة الى شركة النفط الوطنية.

وإزاء ذلك لم يكن القانون واضحا بشأن الابقاء على الشخصية المعنوية للشركات الاستخراجية المملوكة، اذ لم ينص على تمتعها بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. وانما اكتفى بالنص على تمتع شركة النفط الوطنية بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. وكان يفترض بالمشرع النص بشكل صريح على تمتع الشركات المملوكة بالشخصية المعنوية واستمرار عملها وصلاحياتها التي كانت لديها قبل صدور قانون شركة النفط الوطنية ، وكذلك استمرار عمل مجالس اداراتها.

والغرض من ذلك تجنب الإشكالات التي تنشأ من تفسير موقف القانون من استمرار تمتع الشركات المملوكة بالشخصية المعنوية وقد برزت اولى هذه الإشكالات من خلال قرار صدر مؤخرا من محكمة التمييز الاتحادية / الهيئة الاستئنافية رقم 2441 / استئنافيه / عقار/ 2018 في 9/5/2018 الذي صدر بمناسبة دعوى مدنية لتصحيح مساحة عقار عائد للشركة حيث قضت المحكمة بكون المدعي شركة نفط ميسان لم تعد تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة التي تؤهلها لاقامة الدعوى وكذلك قرار المحكمة في دعوى اخرى كانت شركتنا قد رفعتها في السابق ضد احد المتجاوزين على عقارات الشركة حيث اعتبرت شركتنا لا تتمتع بالشخصية المعنوية لكون ان قانون شركة النفط الوطنية ووفقا لتفسير الهيئة الاستئنافية هي وحدها التي لها الشخصية المعنوية. ولاهمية هذا الموضوع كونه يرتبط بمركز الشركات المملوكة نرى ضرورة اجراء تدخل تشريعي لإضافة نص صريح الى قانون شركة النفط الوطنية يتضمن تمتع الشركات المملوكة بالشخصية المعنوية . ومخاطبة مجلس الوزراء على وجه الاستعجال لاصدار قرار باستمرار عمل الشركات وتمتعها بالشخصية المعنوية وارتباطها بوزارة النفط لحين فك ارتباطها والحاقها بشركة النفط الوطنية عند اكتمال تشكيلها([33]).

ثانيا: مركز وحقوق منتسبي شركة النفط الوطنية:

من خلال قراءة وتحليل المواد المتعلقة بحقوق ومركز موظفي شركة النفط الوطنية والشركات المملوكة لاحظنا انه لم يرد نص بشأن تطبيق قانون الخدمة المدنية على موظفي الشركة الام والشركات المملوكة، ولم يرد نص بشأن وضع نظام بديل عن ذلك. بالرغم من وجود نص على تطبيق قانون رواتب موظفي الدولة وقانون التقاعد الموحد. ونقترح منعا للالتباس في التطبيق ان يفاتح مجلس الدولة من قبل الدائرة القانونية لإبداء الرأي في الموضوع بتأييد استمرار تطبيق احكام قانون الخدمة المدنية. مضافا الى اجراء تدخل تشريعي بإضافة نص يتضمن ( استمرار العمل بأحكام قانون الخدمة المدنية وسائر التشريعات الخاصة بالوظيفة لحين إقرار نظام خاص بخدمة موظفي شركة النفط الوطنية).

ومن جهة اخرى لم يرد نص بشأن توزيع نسبة من ارباح شركة النفط الوطنية على منتسبي الشركة والشركات المملوكة كحافز ربح ، بالرغم من وجود نص هو نص المادة (12/ثالثا) بينت اوجه توزيع ارباح الشركة. ونقترح لهذا الغرض ان يعدل نص المادة (13) من القانون بإضافة نص على أن ((يضع مجلس الوزراء نظاما خاصا بحوافز (الانتاج والأرباح) لمنتسبي شركة النفط الوطنية والشركات المملوكه لها، ويستثنى من احكام قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام، ومن احكام قانون حوافز المؤسسات الانتاجية)) .

كذلك نص المادة (12) بإضافة فقرة الى البند (ثالثا/فقرة2) تنص على ((تخصيص نسبة من الارباح توزع على منتسبي الشركة كحافز ربح)) علما ان مثل هذا النص موجود في قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997.

ثالثا : القوانين التي تحكم نشاط الشركة :

استثنى القانون في المادة (16) منه شركة النفط الوطنية والشركات المملوكة لها من القوانين الآتية: (( قانون الادارة المالية ، قانون الشركات العامة ، قانون الجمارك ، قانون اقامة الاجانب ، قانون العقود الحكومية وقانون بيع وإيجار اموال الدولة )) . ونص على ان يقوم مجلس الوزراء بإصدار انظمة بديلة تحل محل القوانين المستثناة وهنا تبرز مشكلة هل ان الشركة والشركات المملوكة تستمر بالعمل بهذه القوانين لحين اصدار أنظمة بديلة ام انها تستثنى منها من حين نفاذ القانون ونشره في الجريدة الرسمية  في 9/4/2018 .علما ان استثناء الشركات من تطبيق القوانين اعلاه مباشرة بعد نشر القانون يجعلها تعمل دون غطاء قانوني لنشاطاتها التي تنظمها القوانين المستثناة .

والحقيقة ان اقتراح انظمة بديلة يتطلب تشكيل مجلس ادارة شركة النفط الوطنية ، ثم مصادقة مجلس الوزراء لذا كان من المفترض وهو ما نقترحه ان يعدل نص (المادة 16/ البند ثانيا) ليكون بالشكل الآتي: (( يصدر مجلس الوزراء وباقتراح من الشركة انظمة تحل محل القوانين المستثناة ويستمر العمل بتلك القوانين لحين وضع انظمة بديلة )).

ولغرض تلافي الموضوع نرى ان يصدر مجلس الوزراء قرارا باستمرار العمل وفقا للتشريعات المذكورة لحين وضع ونفاذ الانظمة البديلة عن تلك القوانين على اعتبار ان ذلك ينسجم مع قصد المشرع الذي هدف الى تطبيق نظام قانوني وأحكام جديدة بشأن الموضوعات التي تنظمها تلك القوانين افضل من النظام والأحكام الواردة والمعمول بها في القوانين المستثناة، ولم يكن يقصد ايقاف عمل شركة النفط الوطنية والشركات المملوكة وتعرية نشاطها من اي غطاء قانوني في هذه المرحلة التي تتزامن مع انتخاب سلطة تشريعية وتشكيل حكومة جديدة قد تتأخر وبالتالي يتأخر معها صدور الأنظمة البديلة التي اشترط وضعها من قبل مجلس الوزراء ، واستمرار تطبيق القوانين السابقة هو الخيار الوحيد لدوام وانتظام سير عمل الشركات المملوكة باعتبارها مرافق عامة لا يجوز تعطيل او تقييد نشاطها بأي حال من الاحوال لارتباطه بالمصلحة العامة.  

رابعا : تقدير أهمية المزايا التي يحققها تأسيس شركة النفط الوطنية :

لمعارضي قانون شركة النفط الوطنية وجهة نظر مختلفة إزاء تقدير أهمية المزايا التي يحققها تأسيس شركة النفط الوطنية، فبعضهم يرى ان تأسيس الشركة لن يخلص الصناعة النفطية من البيروقراطية، فما حصل هو إضافة شركة هائلة الحجم إلى النظام البيروقراطي الموجود. والشركة ليست أصغر من وزارة النفط ذاتها. وفيها بيروقراطية إضافية هي التداخل بين الصلاحيات والمهمات والتصادم بين الوزيرين ووكلائهما. وانتقد ايضا اعطاء الشركة مهام انشاء وتمويل وإدارة كيانات مالية ليست لها علاقة بطبيعة نشاطاتها كشركة نفطية استخراجية؛ وهذه الكيانات هي (صندوق المواطن) و(صندوق الأجيال) و (صندوق الأعمار). وإن أرادت الشركة ان توزع النسب بشكل مدروس على هذه الصناديق، فسوف تجد نفسها بحاجة إلى دراسات معقدة جدا وطويلة، وإلى إشكالات إدارية كبيرة. 

        وأوكل اليها مهمات غريبة أخرى مثل تطوير قطاع مصادر الطاقة البديلة؛ المساهمة في تنمية القطاع الزراعي والصناعي والخدمي. هذه الخدمات لم تكن حتى من مهمات وزارة النفط، بل من مهام وصلاحيات مجلس الوزراء ووزارات المالية والتخطيط ، كما شكك البعض في اهمية وكفاية الاموال التي ستكون من نصيب المواطنين كاسهم مالية تخصص من ارباح الشركة([34]).

ولنا على قانون شركة النفط الوطنية ملاحظة اساسية وهي ان هذا القانون صدر في غير وقته المناسب اذا لا يمكن لهذه الشركة ان تعمل بشكل صحيح مالم يشرع قانون النفط والغاز الذي ينظم احكام تشكيل المجلس الاتحادي للنفط والغاز وعلاقته بشركة النفط الوطنية ووزارة النفط والاقاليم والمحافظات.

 

الخاتمة

        نخلص من خلال بحثنا لموضوع التطورات التشريعية في تنظيم الصناعة النفطية في العراق (تشريع قانون شركة النفط الوطنية أنموذجا)، بنتائج وتوصيات نجملها بالاتي :

أولا : النتائج :

  1. ان تشريع قانون تاسيس شركة النفط الوطنية يعد تطورا مهما لا تقتصر تأثيراته على مجال الصناعة النفطية وتطورها فحسب، وانما على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
  2. اوضحت الدراسة الأحكام التي تضمنها قانون شركة النفط الوطنية رقم 4 لسنة 2018 بشأن مركز هذه المؤسسة المهمة من حيث تكوينها وطبيعة ونطاق نشاطها وعلاقتها بالحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم. وهي تتضمن تطورا في البناء الهيكلي والوظيفي لمؤسسات الدولة العراقية.
  3. تبين من الدراسة ان هنالك ارتباط بين تأسيس شركة النفط الوطنية وتشريع قانون النفط والغاز الاتحادي، لان عدد من المسائل المهمة لابد ان تنظم في الأساس بموجب قانون النفط والغاز وهو من القوانين الأساسية ذات الأهمية الكبرى في تنظيم العلاقة بين مكونات النظام الاتحادي للدولة العراقية.
  4. ان تأسيس شركة النفط الوطنية يحقق مزايا وفوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة حيث يسهم في تطوير الصناعة النفطية وفي الاستغلال الأمثل لموارد النفط والغاز، كما يتضمن أحكاما بمنح الشعب حقوقا مباشرة في استيفاء التخصيصات المالية من موارد الثروة النفطية.
  5. قلل بعض المختصين من أهمية منح المواطنين اسهما من أرباح شركة النفط الوطنية، على اعتبار قلة الحصة الممنوحة لهم وعدم قابليتها للتداول.
  6. أوضحت الدراسة مواضع النقص في قانون شركة النفط الوطنية فيما يخص مركز الشركة والشركات المملوكة، وحقوق العاملين فيها، والقوانين التي تنظم نشاطها، والانتقادات التي وجهت ضد بعض مواد القانون لتناولها موضوعات خارج نطاق اختصاص الشركة وذات ابعاد سياسية ودعائية أكثر من ان تكون ذات جدوى وفائدة حقيقية.

ثانيا : التوصيات :

  1. ضرورة الاسراع بتشكيل شركة النفط الوطنية انسجاما مع الالزام التشريعي على وزارة النفط بتهيئة مستلزمات تشكيلها خلال مدة ستة اشهر.
  2. اجراء تعديلات على بعض نصوص قانون الشركة بتضمينها احكاما تعالج موضوع استمرار تمتع الشركات المملوكة بالشخصية المعنوية، ووضع قواعد خدمة خاصة بموظفي شركة النفط الوطنية والعاملين فيها تراعي وضعهم الخاص. والنص على استمرارها العمل بالقوانين النافذة لحين تشريع قوانين خاصة بنشاطها.
  3. منح مجلس الوزراء صلاحية استثناء الشركة من اي قانون من القوانين النافذة في الدولة العراقية وبما لا يتعارض مع الدستور.
  4. منح رئيس الشركة صلاحية حضور جلسات مجلس الوزراء لمناقشة الموضوعات ذات العلاقة بنشاط الشركة، وعدم السماح لكل من وزير النفط ورئيس الشركة التصويت في القرارات المتعلقة بحسم الخلافات بين الطرفين تحقيقا للتوازن .
  5. الاسراع بتشريع قانون النفط والغاز الاتحادي وتشكيل المجلس الاتحادي للنفط والغاز وتنظيم العلاقة بين الاطراف التالية ( شركة النفط الوطنية – وزارة النفط الاتحادية – الاقاليم – المحافظات غير المنتظمة في اقليم ).

 

مصادر البحث :

الكتب:

  1. حكمت سامي سليمان ، نفط العراق ( دراسة سياسية اقتصادية)، دار الرشيد للنشر ، بغداد 1979.
  2. د. رائد حمدان المالكي : الوضع القانون للمحرمات النفطية ( دراسة في القانون العراقي) مكتبة النباهة، 2012.
  3. د. رائد حمدان المالكي: دراسات في النظم الاتحادية - الكتاب الأول ( الاستقلال الذاتي لولايات الدولة الاتحادية)، الطبعة الاولى، دار السنهوري، 2018.
  4. د. رائد حمدان المالكي: التشريعات النفطية ( مجموعة التشريعات المتعلقة بالقطاع النفطي مع الشرح والتعليق)، مكتبة ميسان ، 2018.
  5. د. صباح عبد الكاظم شبيب : النظام القانوني لعقد التطوير والانتاج النفطي في العراق، الدار العربية للعلوم، ط1، 2015.
  6. د. عصام العطية : القانون الدولي العام, ط6, جامعة بغداد, من دون تاريخ.

الرسائل والبحوث :

  1. عبد الستار عبد الجبار موسى : دراسة تحليلية لواقع القطاع النفطي في العراق، مجلة الادارة والاقتصاد،الجامعة المستنصرية، العدد ( 85) لسنة 2010.
  2. د. مايح شبيب الشمري ، المرض الهولندي ومقومات إصلاح الاقتصاد الريعي في العراق ، بحث منشور في مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية، جامعة الكوفة، المجلد 3، 2010.
  3. د. هداب فالح مصطفى الكبيسي، مستقبل منظمة أوبك في ظل السياسات النفطية العالمية، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة النهرين/ كلية العلوم السياسية، 2004.
  4. د. يحيى حمود حسن ، ملامح السياسة النفطية في العراق، بحث منشور في مجلة الاقتصادي الخليجي، العدد (25) لسنة 2015.

التشريعات :

  1. الدستور العراقي لعام 2005 المنشور في الوقائع العراقية، الجريدة الرسمية لجمهورية العراق، العدد 4012، السنة السابعة والأربعون، 28 كانون الثاني 2005، 27 ذي القعدة 14260.
  2. قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم 11 لسنة 1964 الملغي.
  3. قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم 123 لسنة 1967 الملغي.
  4. قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 267 لسنة 1987 الملغي.
  5. قرار مجلس قيادة الثورة ( المنحل) رقم 79 لسنة 1995 الملغي
  6. قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018 النافذ.

الكتب الاجنبية :

  1. Metz, Helen Chapin, ed. (1988). "The Turkish Petroleum Company". Iraq: A Country Study. Retrieved 2008-06-28. Blair, John M., The Control of Oil (New York, 1977

2 . Michael Brown, "The Nationalization of the Iraqi Petroleum Company", International Journal of Middle East Studies: Vol 10. No 1. (Feb 1979).

المواقع الالكترونية :

  1. قاعدة التشريعات العراقية iraqld.iq/free_search.aspx
  2. موقع المعرفة، متاح على الانترنت . الرابط الالكتروني : https://www.marefa.org تاريخ الزيارة ، 13/ 3، 2018.
  3. موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين ، مقال للدكتور عدنان الجنابي ، قانون شركة النفط الوطنية ثورة على الدولة الريعية ، الرابط الالكتروني : http://iraqieconomists.net/ar/2018/

 

 

 

 ([1]) تأسست شركة النفط التركية في عام 1912 لطب تنازل من الدولة العثمانية للتنقيب عن النفط فيما يسمى بدولة العراق حاليا. وكانت تملكها مجموعة من شركات كبيرة النفط الاوروبية وكان الغرض من الشركة هو تجنب التنافس بين طالبي الامتيازات والشركات الأخرى. وتلقت الشركة التركية للنفط وعدا من الحكومة العثمانية لكن أدى إندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914 إلى توقف جميع خطط التنقيب. وبعد سقوط الدولة العثمانية وانتهاء الحرب، أصبحت شركة النفط التركية قضية رئيسية في مؤتمر سان ريمو في عام 1920، حيث تم تقرير مصير جميع الأراضي الغير تركية ذات الأغلبية العربية والتي كانت تحت سيطرة الدولة العثمانية. فقد أوضحت الحرب للقوى الكبرى أهمية تملك مصادرهم من النفط. أحد الشركاء الأصليين كان شركة نفط ألمانية، وقد استولى الفرنسيون على الأسهم الألمانية كتعويض عن الحرب وطالبت حكومات حلفاء الحرب العالمية الأولى أن تكون شركات نفطهم شركاء كذلك. وبعد مداولات طويلة وحادة، سـُمـِح لشركات النفط الأمريكية أن تشتري حصصاً في "شركة النفط التركية TPC"، إلا أن ذلك استغرق سنوات عدة حتى انتهت المفاوضات. وفي 31 يوليو 1928، أبرم شركاء شركة النفط التركية اتفاقية الخط الأحمر Red Line Agreementالتي ألزمتهم فعلياً بالعمل معاً ضمن النطاق الجغرافي لعمليات للشركة، داخل حدود الدولة العثمانية السابقة (بإستثناء الكويت). ينظر موقع المعرفة، متاح على الانترنت . الرابط الالكتروني : https://www.marefa.org تاريخ الزيارة ، 13/ 3، 2018.

([2]) حكمت سامي سليمان ، نفط العراق ( دراسة سياسية اقتصادية)، دار الرشيد للنشر ، بغداد 1979، ص23 وما بعدها. د. يحيى حمود حسن ، ملامح السياسة النفطية في العراق، بحث منشور في مجلة الاقتصادي الخليجي، العدد (25) لسنة 2015، ص61.

([3]) ينظر للمزيد :

Metz, Helen Chapin, ed. (1988). "The Turkish Petroleum Company". Iraq: A Country Study. Retrieved 2008-06-28. Blair, John M., The Control of Oil (New York, 1977), pp. 80-90. Michael Brown, "The Nationalization of the Iraqi Petroleum Company", International Journal of Middle East Studies: Vol 10. No 1. (Feb 1979). pp107–124. 

([4]) ينظر: د. صباح عبد الكاظم شبيب: النظام القانوني لعقد التطوير والانتاج النفطي في العراق،الدار العربية للعلوم،ط1،2015، ص39.

([5]) ينظر: د. صباح عبد الكاظم شبيب : المصدر نفسه، ص39.

([6]) ينظر: نص المادة (9، 12) من قانون الشركة رقم 11 لسنة 1964 الملغي.

([7]) ينظر: نص المادة (3، 4، 13، 16) من قانون الشركة رقم 123 لسنة 1967 الملغي.

([8]) ينظر: نصوص المواد (1-4) من قرار من مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 267 لسنة 1987الملغي.

([9]) ينظر: نص المادة (1) من قرار من مجلس قيادة الثورة ( المنحل) رقم 79 لسنة 1995 الملغي.

([10]) ينظر: د. رائد حمدان المالكي: التشريعات النفطية ( مجموعة التشريعات المتعلقة بالقطاع النفطي مع الشرح والتعليق)، مكتبة ميسان ، 2018، ص15-16.

([11]) نصت المادة (2) من قانون شركة النفط الوطنية على ان: (( تؤسس بموجب هذا القانون شركة عامة تسمى (شركة النفط الوطنية العراقية) تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، ويمثلها رئيسها او من يخوله، وترتبط بمجلس الوزراء، ويكون مركز الشركة في بغداد ولها فتح فروع في المحافظات المنتجة ومكاتب داخل العراق بطلب من رئيسها وموافقة مجلس الإدارة، وخارج العراق بعد مصادقة مجلس الوزراء)).

([12]) ينظر نص المادتين ( 6 ، 7) ) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

([13]) ينظر نص المادة رقم ( 7/ اولا ) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

([14]) ينظر نص المادة رقم ( 7/ ثانيا ) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

 ([15]) ينظر نص المادة رقم ( 3 ) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

([16]) ينظر نص المادة رقم (2 ) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

([17]) المياه الاقليمية او البحر الإقليمي هي مساحة من المياه البحرية ملاصقة لشواطئ الدولة , حددتها المادة (3) من اتفاقية قانون البحار لعام 1982 بما لا يتجاوز اثني عشر ميلا بحريا , تبدا من خط الأساس وهو قاعدة حد أدنى انحسار المياه عن الساحل وقت الجزر . وحكم هذه المنطقة انها تخضع لسيادة الدولة الساحلية مع تقييدها ببعض القيود لمصلحة الملاحة الدولية . اما الجرف القاري فيتمثل بقاع وباطن ارض المساحات المغمورة التي تمتد الى ما وراء البحر الإقليمي , وهذه المنطقة مهمة من الناحية الاقتصادية بالنسبة لاستغلال الثروات الطبيعية المستقرة فيها. وتتحدد مساحة هذه المنطقة بمسافة (200) ميل بحري من خط الأساس الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي. واهم احكام منطقة الجرف القاري ان الدولة الساحلية تملك فيها حقوقا سيادية بالنسبة لاستغلال مواردها الطبيعية لا يجوز لغيرها استغلالها دون موافقتها . ينظر في ذلك : د. عصام العطية : القانون الدولي العام, ط6, جامعة بغداد, من دون تاريخ, ص359-372.

([18]) هذا وقد حدد القانون أهداف شركة النفط الوطنية ولخصها بالاستغلال الأفضل للثروة النفطية والغازية في مجال استكشاف النفط والغاز وتأهيل وتطوير الحقول والإنتاج والتسويق وكافة النشاطات المرتبطة بها إضافة الى الاستثمار في الصناعة التحويلية النفطية والغازية على أسس فنية واقتصادية لضمان أعلى العوائد وأدنى التكاليف وبما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي. ينظر نص المادة (3) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

([19]) ينظر نص المادة رقم ( 10) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

([20]) وجدير بالذكر ان تقاسم النشاط النفطي بين وزارة النفط وشركة النفط الوطنية قضى بنقل عدد من الشركات من الوزارة وربطها بالشركة، وشمل ذلك : شركة الاستكشافات النفطية ، شركة الحفر العراقية ، شركة نفط البصرة ، شركة نفط الشمال ، شركة نفط ميسان ، شركة نفط الوسط ، شركة نفط ذي قار، شركة تسويق النفط )سومو( ، شركة الناقلات العراقية )) في حين بقي لدى وزارة النفط بعد انسلاخ بعض شركاتها لصالح شركة النفط الوطنية العراقية الجديدة من الشركات والمؤسسات المتبقية التالية)) : شركة المشاريع النفطية (SCOP)، شركة خطوط الأنابيب النفطية (opc)، شركة توزيع المنتجات النفطية (OPDC)، شركة غاز الشمال (NGC) ، شركة غاز الجنوب (SGC) ، شركة تعبئة الغاز (GFC) ، شركة مصافي الشمال (NRC) ، شركة مصافي الوسط (MRC) ، شركة مصافي الجنوب SRC))، شركة المعدات الهندسية الثقيلة (HESSCO)، مركز البحث و التطوير النفطي                   PRD))، معاهد التدريب النفطي في)  بغداد – البصرة – كركوك – بيجي).

([21]) ينظر نص المادة رقم ( 6) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

([22]) ينظر نص المادة رقم ( 8/ ثانيا) من قانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4 ) لسنة 2018.

([23]) نصت المادة (112) من الدستور على ان (( اولاً :ـ تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على ان توزع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورةٍ مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون. ثانياً :ـ تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الإستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب العراقي، معتمدةً احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار)).

([24]) ينظر للمزيد : كتابنا دراسات في النظم الاتحادية - الكتاب الأول ( الاستقلال الذاتي لولايات الدولة الاتحادية)، الطبعة الأولى، دار السنهوري، 2018، ص

([25]) ينظر: د. مايح شبيب الشمري ، المرض الهولندي ومقومات إصلاح الاقتصاد الريعي في العراق ، بحث منشور في مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الكوفة، المجلد 3، 2010، ص 9-10. 

([26]) د. هداب فالح مصطفى الكبيسي، مستقبل منظمة أوبك في ظل السياسات النفطية العالمية، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة النهرين/ كلية العلوم السياسية، ص 127-128.

([27]) نص البند سادسا من المادة (18) من قانون شركة النفط الوطنية رقم 4 لسنة 2018.

([28]) نص البند خامسا من المادة (18) من قانون شركة النفط الوطنية رقم 4 لسنة 2018.

 ([29]) د. رائد حمدان المالكي : الوضع القانون للمحرمات النفطية ( دراسة في القانون العراقي) مكتبة النباهة، 2012، ص42 وما بعدها.

([30]) د. عدنان الجنابي ، قانون شركة النفط الوطنية ثورة على الدولة الريعية، مقال منشور في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين، متاح على الرابط : http://iraqieconomists.net/ar/2018/ تاريخ الزيارة: 12/9/ 2018.

([31]) نص المادة (18/ ثالثا ورابعا) من قانون شركة النفط الوطنية رقم 4 لسنة 2018.

([32]) نص المادة (12/ ثالثا ورابعا) من قانون شركة النفط الوطنية رقم 4 لسنة 2018.

([33]) د. رائد حمدان المالكي : التشريعات النفطية ، مصدر سابق، ص25.

([34]) ينظر : صائب خليل ، نقاط مناقشة قانون شركة النفط الوطنية، مقال على الانترنت متاح على الرابط الالكتروني:   http://www.sahat-altahreer.com/?p=32326 تاريخ الزيارة 12/9/ 2018. وينظر : دريد محمود يحيى العنزي ، موضوع اخطاء قانون شركة النفط الوطنية مقال على الانترنت متاح على الرابط الالكتروني: https://www.skypressiq.net/2018