المذار في تاريخ الطبري

حسين جلوب 

المذار في ميسان بين واسط والبصرة وهي قصبة ميسان وبها مشهد عامر كبير جليل عظيم قد أنفق على عمارته الاموال الجليلة، والوقوف والنذور تساق اليه، وهو قبر عبدالله بن علي بن ابي طالب. هذا جزء ما ذكره الحموي في معجم البلدان فالمذار التي يدور متابعة ذكرها في تاريخ الطبري هي مركز ميسان . 

ذكرها الطبري في احداث سنة (12 هـ) في ذكر وقعة المذار ويسوق خبراً طويل في صفحتين ويروي الواقعة عن سيف بن عمر الكذاب الوضاع الذي اختلق فتح المذار التي بدأها بالقول وكانت وقعة المذار في صفر سنة أثنى عشر ويومئذ قال الناس: (صفر الأصفار فيه يقتل كل جبار على مجمع الانهار) ثم يسوق ثلاثة روايات كلها عن سيف بن عمر اخبار موضوعه درسها العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري في كتابه عبد الله بن سبأ واساطير اخرى المجلد الثاني ص 84 وانتشر هذا الخبر من تاريخ الطبري الى ابن الاثير وابن كثير وابن خلدون .

وفي احداث سنة (38هـ) يذكر الطبري خروج الخريش بن راشد (من الخوارج) واظهار الخلاف على علي واتبعه جيش بقيادة زياد بن حنظلة الذي لحقهم وهم نزول في المذار ثم وقعت بينهم معارك وطردهم حتى خرجوا متنكبين الى أرض الاهواز .

وتظهر مرة اخرى المذار في تاريخ الطبري في احداث سنة (43هـ) في مطاردته الخوارج حيث أُعد جيشاً بأمر عبد الله بن عامر وقيادة المستورد بن علفه فكانت ميسان والمذار مسرحاً للمطاردة والقتال .

وفي أحدث سنة (67) المجلد السادس في خبر مقتل المختار فقد  بعث مع احمر بن شميط جيشاً كثيفاً وسار احمر حتى ورد المذار وجاء مصعب حتى عسكر منه قريباً فوقعت اول معركة بين جيش المختار ومصعب بن الزبير في المذار فأورد ابو مخنف الخبر طويلاً ومفصلاً في لقاء جيش المختار ومصعب بن الزبير والتي قتل فيها عبيد الله بن علي بن ابي طالب في جيش مصعب . 

وفي احداث (255 هـ) عند ظهور صاحب الزنج الذي اتخذ جنوب العراق مسرحاً لأعماله وغاراته والبطائح مقراً لإقامته وأسس مدينة المختار قرب البصرة ومدينة المنصور في بطائح ميسان وقد توجه يحيى بن سلمان احد قادة صاحب الزنج يريد المذار بعد أن بسط سيطرته على ما حولها .

وفي احداث سنة (267 هـ) تكون المذار احدى المواطن التي تحصن بها صاحب الزنج وتوجه اليه سليمان الشعراني احد قادة الموفق العباسي فلحق بهم وهزمهم وخلال المدة التي أرخ لها الطبري في تاريخه حتى سنة (302هـ) كان للمذار حضور بارز في احداث الفتح الاسلامي الذي وضع سيف بن عمر مختلقاته وموضوعاته والمعاجز التي اوردها في كتاب الفتوح ونقل عنه الطبري في تاريخه وانتشر في كتب التاريخ من كلام البقر وبطولات بني تميم وكانت المذار احدى المدن التي كانت مسرحاً لحوادث الخوارج وحروبهم. 

ثم كانت المذار موضع التقاء جيوش مصعب ابن الزبير الذي توجه من البصرة صاعداً نحو المذار والتقى به جيش المختار الذي تقدم من الكوفة وقتل في هذه الحادثة عبدالله بن علي بن أبي طالب الذي يعرف عبد الله بن علي المرقد المعروف في اطلال المذار . والحادثة الرابعة هي أن المذار اصبحت تحت سيطرة صاحب الزنج ثم تحريرها بعد خمسة عشر عاماً من قبل أحد قادة العباسيين اذا كان للمذار حضوراً متميزاً في أهم احداث الفتح وقتال الخوارج وحرب المختار للزبيريين ومقاتلة صاحب الزنج .