مفردات تشكل الراي الجماهيري

مفردات تشكل الراي الجماهيري

حسين جلوب الساعدي

رئيس مؤسسة الهدى للدراسات

 في أجواء الحراك السياسي والمنافسة الانتخابية والخطابات الإعلامية قبل واثناء الحملة الانتخابية التي تشهدها الساحة حاولتُ ان أتطلع وسائل الاعلام لأرصد المفردات المستخدمة فيها للتعبير عن مجريات الواقع وطبيعة الحراك الذي يشهده العراق، فادركت حجم الازمة السياسية والمذاق الجماهيري في فهم الواقع محاولاً عرضها لأضعها في مجال الرصد لقصد الإجابة والمعالجة والتقييم والتقويم وهي: المجرب لا يجرب، محاصصة، طائفية، فساد، فئوية، حرامية، تزوير، نقص خدمات، سوء تعليم، انعدام صحة، تلوث بيئي، جفاف ازمة مياه، فقدان الامن، فقر، جوع، عشوائيات، مرض، عصابات، مخدرات، ميليشيات، نزاعات، نصب، احتيال، تسليب، العشائرية، بطالة، رشوه، تقسيم، اضطهاد، تهميش، اقصاء، محسوبية، حرمان، محاصرة، مشاريع وهمية، قمع، قتال، تهجير، اغتيال، فضائح جنسية، انحراف أخلاقي، تطرف، عنف، إرهاب، تكفير، عملاء، مأجورون، تدخل إقليمي، نفوذ دولي، تخندق طائفي، سوء إدارة، سوء تخطيط، القضاء على الصناعة الوطنية، تدمير الزراعة، نهب الأموال وتهريبها للخارج، ارصدة في الخارج، غسيل أموال، فساد اداري، الإسلام السياسي، حكومة فاسدة، مقاطعة الانتخابات...الخ. التعميم في الوصف هذا بلا استثناء يردده الجميع، وهذه المفردات او بعضها في أجواء التنافس ولأجل اضعاف أحدهم الاخر وكأن العراق والقوى السياسية كلها معارضة، وفي نفس الوقت تشارك في إدارة الحكومة والانسياق المريع اتجاه هذا الضجيج الإعلامي مما عمق الصور السلبية القاتمة في الواقع العراقي وأصبح المذاق الاجتماعي والمزيج الجماهيري رافضاً ومتمرداً ومنتفضاً ومحبطاً ومتردداً ومنفعلاً إزاء الأجواء التي تحيط به. وتزداد وتيرة ورود تلك المفردات والإضافة اليها عندما تنساق القنوات الفضائية المشاركة في الحكومة لنفي كل انجاز حققته الحكومة العراقية حين تتوجه عدسات كاميراتها لالتقاط صور مأساوية عن البيوت العشوائية ومواقع النفايات، وصور الحرمان والفقر وترويجها اعلامياً من دون المبادرة للمشاركة في وضع الحلول لها من خلال المواقع التي يشغلونها في إدارة الدولة. وتأتي خطورة الموج الإعلامي الجارف ضد العملية السياسية في إيجاد أجواء من الإحباط واليأس والهزيمة والارباك والارتباك في الساحة العراقية. وتزداد لتتحول الى ازمة قد تعجز القوى السياسية المشاركة في الحكومة عن ادراك حجم تلك القضايا وتتفاقم حين تغيب عن برامج الأحزاب المنساقة في خطابها التحريضي ضد بعضها البعض مستفيدة من هذا الضجيج الإعلامي الذي يدخل ضمن برامج الحرب الناعمة لأسقاط التجربة السياسية في العراق لتجعل المتهم الأول في جميعها القوى التي تحمل عنواناً اسلامياً لطرح البديل الذي اخذ يتبلور وجوده وامتداده وتأثيره في الشارع العراقي وفي داخل القوى السياسية ذات الجذور الإسلامية لتتحالف معه او تنساق في أجوائه وخطابه لتكون اكثر حماساً في اجراء عملية التغيير وفق الأفكار المستوردة او استجابة لعملية الضجيج الذي تتداخل فيه الكثير من القضايا بالآراء، وتتقاطع فيه الأفكار والعواطف والامزجة. ان رصد المفردات التي تتداول في الاعلام وكشف مداليلها ومقاصدها وغاياتها وتصنيف الأجواء التي تتحرك فيها وتمييز الذين يرددون تلك المفردات بين الهادف والمحرض والجاهل والببغاء للبحث عن الإجابة والحلول من خلال برامج الأحزاب السياسية المتنافسة في الانتخابات، والا سياتي اليوم الذي تغرق فيه سفينة النجاة بوحل الضجيج وتنهار العملية السياسية ويصار لتأسيس تجربة جديدة لم تُعرف معالمها بعد ولا يدرك من وراءها ومن يمسك بخيوطها. في أجواء هذه الصورة القاتمة التي صورها الاعلام والواقع الدامي تأتي صورة أخرى غابت وغُيبت في أجواء الضجيج، تتصدرها منجزات الدولة العراقية رغم ما يحيط بها من تحديات ومؤامرات إقليمية ودولية وإرهاب وحروب، تأتي في مقدمتها الانتصارات على داعش وهزيمة الإرهاب وتراجع نزعة التقسيم وبروز نزعة الوحدة والحد من الانقسام، وانفتاح دولي واسع، وانجازات ميدانية واسعة، واعمار انتاج نفطي وطاقة ،واعمار في المدن، وتأسيس العديد من الجامعات والمدارس والمراكز الصحية ،ويغطي كل ذلك نظام سياسي يعتمد التداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع، وحرية الاعلام والتعبير. والعراق البلد الوحيد في العالم لا يوجد فيه سجناء رأي سياسي ويسير وفق أدوات ووسائل ديمقراطية ليس فيها أي عنصر من عناصر الدكتاتورية، وانتصر العراق في وضع دستور وتشريع قوانين لتكون المرجعية في إدارة الدولة وتشكيل الحكومات. هذه الانتصارات والإنجازات تكون قاعدة أساسية في بناء الدولة والمجتمع اذا تلاقت مع الإرادة السياسية ومبادرات موضوعية من خلال برامج القوى السياسية مدعومة بوسائل إعلام إيجابي لإيجاد شيء من التوازن في التقييم ليكون مقدمة لعملية البناء وتجاوز العقبات التي يراد لها اسقاط التجربة والتي يسعى الاعلام المعادي لتضخيمها وطرحها بشكل مثير ومريب قاصدا لأرباك الحياة. بين المفردات السلبية يجب ان تظهر الجوانب الإيجابية ويكون لها الحضور في ثقافة المواطن حتى يكون جزءاً من منظومة البناء للدولة والمجتمع. اذن هذه اثارة نعرضها من رصدنا للمفردات الإعلامية التي يمكن الإضافة عليها ولكن المهم تأملها والاجابة عليها ووضع الحلول لها عملياً وليس انسياقاً وراء الضجيج المصطنع